Tuesday, November 12, 2019

نظرة في الأرقام وأشياء أخرى




التغريدة الشهيرة التي استفزت جموع الأطباء للدكتور هاني راجي تضمنت عدة اتهامات لجموع الأطباء، 

أولا: تضمنت إيحاء بأن من يسافر للخارج منهم لتحسين دخله هو ولا بد يسب ويلعن الفقراء من أهل بلده، الذين مثلهم ببائعة الفجل والكمساري، وتعبيره هذا مغالطة صريحة، حيث أن هؤلاء المغتربين في الأغلب يشتاقون للعودة لبلدهم، وأكثرهم يرسلون زكاة أموالهم لتوزيعها على فقراء بلدهم أو لعلاجهم، وإن أظهر بعضهم بعض السخط فهو غالبًا تجاه الأنظمة التي تدير بلدهم و لا تقدرهم التقدير المناسب، فيضطرون للغربة طلبًا للرزق.

ثانياُ: هل قام أحد (وهذا يشمل الدكتور هاني راجي نفسه) بالتحقق من الرقم المبالغ فيه وهو ٣-٥ مليون جنيه، لو قسمنا الخمسة مليون على ١٨ سنة دراسية هي ١٢ سنةً قبل الجامعة +٦  سنوات جامعة كان المتوسط حوالي ٢٨٠ الف للسنة الواحدة، وهو بالطبع رقم مبالغ فيه، يمكن ان ننظر للأمور بطريقة أخرى، ماهي تكلفة التعليم الخاص الموازي للتعليم الحكومي، على أيام دراستي بالكلية، كانت كليات الطب الخاصة تكلف ٢٥ الف بالسنة في اعلى جامعة خاصة في مصر، وتكلفة دراسة طب الأسنان في حدود ١٤ الف والصيدلة ربما كانت ١٢ الف او شيء من هذا القبيل، مع الوضع في الاعتبار أن هذه جامعات خاصة، فتختلف في نقطتين كبيرتين، أولا أنها تهدف إلى الربح، وبالتالي هذه الرسوم تشمل التكلفة الفعلية+ هامش ربح، ثانياً أن مستوى التعليم فيها سيكون قطعا مختلف وبالتالي التكلفة ستكون أعلى من التكلفة في نظيرتها الحكومية، إذا تكلفة تعليم الطالب في كلية الطب (من خريجي ٢٠٠٤ مثلي) لم تكن تصل الى ١٥ ألف جنيه في السنة، قمت ببعض البحث عن تكلفة التعليم العالي في مصر في هذه الفترة فوجدت دراسة للبنك 
الدولي تذكر ان تكلفة الطالب الجامعي في المتوسط تتراوح ما بين ٤ الي ٥ آلاف جنيه في السنة، فإذا أخذنا في الاعتبار ان تكلفة الكليات العملية اعلى من النظرية، نجد أن رقم ١٥ ألف السنة هو رقم منطقي.




ثالثاً: هل سدد أطباء مصر دينهم؟
 يخضع أطباء مصر لنظام التكليف، وهو نظام للتعيين في الحكومة إجبارياً، تقريباً هم الفئة الوحيدة التي تخضع لهذا النظام من المدنيين بالإضافة للصيادلة وأطباء الأسنان، في حالة التخلف عن استلام العمل تقوم الحكومة برفع قضية ضد الممتنع عن استلام التكليف، في الأغلب ينتهي الأمر إلى غرامة بسيطة، ومن يتقدم من الأطباء إلى المزارة بالاعتذار عن استلام التكليف غالباً ما يقبل اعتذاره، خلال فترة التكليف يقوم الطبيب بالعمل في المناطق الأكثر فقراً والأقل إمكانيات بدون تدريب فعلي (باستثناء فئة قليلة من ذوي الوساطات ممن يتمكنون من نقل تكليفهم إلى أماكن مميزة مثل معهد القلب مكان عمل الدكتور هاني راجي)، وبمقابل مادي ضئيل، وفي ظل كل الظروف الغير مواتية هذه يصبر الطبيب في انتظار أن تتاح له الفرصة بعد سنة أو سنتين لاستلام النيابة ويبدأ التدريب على التخصص الذي يرغبه، يبدأ حينها في البحث عن فرصة تسجيل ماجيستير أو دبلومة أو زمالة، في رحلة تستغرق من 3 إل 6 سنوات، خلالها يستمر في العمل في ظروف ضاغطة مادياً وجسديأ ونفسياً، حتى يحصل على شهادة في التخصص تتيح له السفر للخارج بمقابل مجزي، إلا يعتبرالعمل لمدة من 5إلى 8 سنوات في الحكومة خدمة للمرضى الفقراء كافياً لسداد الدين، هذه هو حال معظم الأطباء ممن يسافر للخارج، وقلة قليلة جداَ هم من سافروا بدون أن يقضوا مثل هذه المدة.

رابعاً: لنصدق زعم الدكتور هاني راجي، وننظر للأمر من زاوية أخرى، الطبيب يتخرج في سن 25 سنة تقريباً، وبفرض استمراره في العمل إلى سن 60 سنة (سن المعاش)، فهو يعمل لمدة 420 شهر في المتوسط، لو قسمنا الخمسة ملايين جنيه على هذه الشهور، كان الناتج حوالي 12 ألف جنيه شهرياً، بالطبع لا يوجد طبيب يصل مرتبه الحكومي لهذا الرقم (ربما باستثناء بعض القيادات من الكبار وتكون في صورة مكافآت وحوافز خاصة)، أي أن حكومتنا الموفرة لا تمانع أن تنفق 5 ملايين جنيه لتخرج طبيباً من كلية الطب، لكنها تدفع له راتباً إجمالياً خلال حياته العملية كلها أقل من نصف هذا الرقم بكثير، فأي منطق هذا، 

خامساً: لماذا الأطباء؟

لماذا ذكر الدكتور هاني فقط الأطباء والمهندسين؟ ماذا عن المدرسين مثلاً، وماذا عن ضباط الشرطة وضباط الجيش وووكلاء النيابة والقضاة؟ معيار دخول كليات القمة العملية كالطب والهندسة والصيدلة وغيرها هو التفوق الدراسي، وبالتالي فرصة دخولها متاحة أمام الجميع، بما فيهم ابن بائعة الفجل وابن الكمساري الذين يصر الدكتور هاني على اختيارهم كممثلين للطبقة الكادحة، هل ابناء هؤلاء لديهم نفس الفرصة لدخول كليات الشرطة أو الكليات العسكرية أو دخول سلك القضاء؟ أليست هذه الفئات وهي تتمتع بمميزات مالية واجتماعية كبيرة أولى بتذكيرهم بنصائح الدكتور هاني الذهبية بألا يشتموا بائعة الفجل والكمساري؟ ألم يكن تعليم هؤلاء على حساب بائعة الفجل والكمساري أيضاً؟ ومع ذلك يتمتعون برواتب وبدلات أعلى من نظرائهم من الأطباء بمراحل، وتبنى لهم النوادي والمستشفيات الخاصة بهم على حساب بائعة الفجل والكمساري.
لماذا يفترض الدكتور هاني أن جميع الأطباء من الأغنياء مثله، ألا يعلم أن هناك منهم من يكافح للبقاء ضمن الطبقة الوسطى المتآكلة، وفي سبيل ذلك يعمل ساعات طويلة في مستشفيات خاصة ومستوصفات، فضلاً عن التزامه بعمله الحكومي ودراساته لتطوير نفسه، نعم تغريدتك تستحق السخرية، الكثيرون ممن يعرفونك يرون وراءها أغراضاً أخرى غير الدفاع عن بائعة الفجل، اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات بلهجة انظروا من الذي يتكلم، لا أظن أنها جائت من فراغ، والسخرية من تقديرك المبالغ فيه لتكلفة التعليم في الجامعات الحكومية، ومعروف حال ميزانية الدولة وشح انفاقها على المجالين المعني بهما الأطباء وهما التعليم والصحة.

في رأيي الشخصي، أن المنظومة الصحية المتهالكة في مصر لا تزالت قائمة بفضل صبر ومجهودات صغار الأطباء، لو توجه أي شخص إلى طوارئ معهد القلب على سبيل المثال أو عياداته الخارجية أو رعاياته ،ما احتمالات أن يكون من يعالجه هو الدكتور هاني راجي أو من هم في مثل درجته، قبل أن تستثيروا عامة الناس على الأطباء (وهم لا تنقصهم نظرات التربص نتيجة التشويه الإعلامي الممنهج)، فكروا بالله عليكم، لماذا يترك هؤلاء بلدهم وأهلم وحياتهم المستقرة ويسافروا للخارج.

Sunday, November 29, 2015

Misconceptions about islam


Why being a doctor is a great job


Sunday, October 10, 2010

وقفة مع النفس

بالأمس كنت في زيارة لوحدة المرور لتجديد رخصة القيادة خاصتي، ولا داعي للحديث عن ساعات التأخير والانتظار التي طالت لمدة 5 ساعات حتى انتهت إجراءات تجديد الرخصة، المهم أنني أثناء ساعات الانتظار الطويلة تلك أخذت أتفكر وأتذكر زيارتي الأولى لاستخراج الرخصة، وجال بفكري خاطر أثار تعجبي، لقد مرت عشر سوات كاملة منذ تلك الزيارة، يا للهول، وكم في العمر من 10 سنوات، هل تقارب الزمان وصل إلى هذا الحد، نعم إنها عشر سنوات كاملة مرت وكأنها بضع أسابيع أو شهور، ومما زاد من وقع الأمر على هو أنني قابلت هناك شخصاً عزيزاً جداً على قلبي، كنت لم أره منذ فترة ودار بيننا حديث قصير أثناء انتظارنا، وأخذت أتذكر متى كانت آخر مرة التقيته فيها، وصدمت عندما انتبهت إلى أنها كانت منذ قرابة سبع سنوات، ألهذه الدرجة ألهتنا الحياة فلم نعد نشعر بمرور الوقت، ولا بافتقاد الأحباء!
ربما يجب علي أن أكون أكثر حرصاً على تفقد أحوال من يعزون علي والتواصل معهم، وأن أدرك أن العمر يتفلت بين يدي بسرعة أكثر مما أتوقع، فلا أؤجل أعمالاً يمكن القيام بها في الحال، فلست أدري ماذا ينتظرني غداً.

Friday, August 13, 2010

طريقة حل مكعب روبيك . . الجزء الثاني


بداية أعتذر عن انقطاعي عن المدونة طوال الفترة الماضية بسبب ظروف ومشاغل منعتني من متابعة المدونة (طبعا لا أحد يتابع ولم يشعر بهذا الغياب أحد)،
وأعود لأكمل شيئاً بدأته منذ فترة طويلة ونسيت أن أتمه وقتها ولكنني أعود لأتذكره وأرجو أن أتمكن من إتمامه قريباً، وهو شرح حل مكعب روبيك،

ونبدأ في الجزء الثاني وهو حل الطبقة الوسطى،
لاحظ أن مربعات الوسط لكل وجه ثابتة لا تتغير، وبالتالي كل ما يلزمنا هو وضع مربعات الجانب للأوجه الجانبية الأربعة في أماكنها الصحيحة، وعدد هذه المربعات هو 4،

بداية سيتغير تعاملنا مع المكعب قليلاً، حيث سنقوم بقلب المكعب رأساً على عقب ليصبح الوجه المكتمل (العلوي سابقاً) هو الوجه السفلي،


لوضع المربع الجانبي في مكانه الصحيح يجب أن يكون في الصف العلوي، على أن يكون مجاوراً لمربع الوسط المماثل له في اللون،

كما هو الحال مع القطعة أزرق/أصفر في هذا الشكل:


أو نفس القطعة في هذا الشكل،



نبدأ بالشكل الأول:

لاحظ أننا هنا نريد أن ننزل القطعة إلى الوضع الجانبي ناحية اليمين، سنعتبر هنا أنا الوجه الأزرق هو الوجه الأمامي ونستخدم هذه الجملة:

U R Ui Ri Ui Fi U F


U


R

Ui

Ri


Ui


Fi


U


F

يمكنك العودة إلى شرح الرموز في الجزء الأول لكي تتذكرها،

ويمكنك استخدام هذه الجملة لكي تتذكر هذه الخطوة بالترتيب
U R Ui Ri Ui Fi U F
You are where it wins few fat
(لاحظ أننا نعتمد في الجملة على منطوق الرموز وليس نصها ولاحظ أيضاً دخول بعض الحروف لإكمال الجملة ولا ترمز لشيء مثل حرفي t, n)

وفي الحالة الثانية يجب أن تنقل القطعة الأزرق/أصفر إلى الوضع الجانبي ناحية اليسار
فسنقوم بنفس الخطوات ولكن معكوسة في المرآة فتصبح النتيجة:

Ui Li U L U F Ui Fi
Ui

Li
U

L

U


F


Ui


Fi



ولتتذكر هذه الرموز يمكنك استخدام الجملة التالية:
Ui Li U L U F Ui Fi
Weily, You LaUgh with fight

ونفس الكلام الذي قلناه عن الجملة السابقة ينطبق هنا أيضاً وفي كل مرة نستخدم مثل هذه الجمل،




حتى هذه النقطة نحن نسير تبعاً للطريقة الرئيسية لتعليم المبتدئين، وهنا أحب أن أضيف فكرة صغيرة مفيدة لاختصار بعض الوقت وحل المكعب في خطوات أقل، تتلخص هذه الفكرة في حل ثلاث أركان من الأربعة في المرحلة الأولى، ثم استخدام الركن الناقص كممر لإدخال جوانب الطبقة الوسطى بدون تغيير قطع الأركان الباقية في خطوة مختصرة، وأستخدم هذا الركن الناقص لحل ثلاثة جوانب من الأربعة في الطبقة الوسطى ثم أقوم بحل الركن والجانب الأخيرين بالطريقة المعتادة،

وهذه الرسوم توضح ما أقصده:

كما أسلفت، نترك أحد الأركان بدون حل، كما بالشكل، ونضع قطعة الجانب المراد وضعها في مكانها السليم أسفل مربع الوسط لأحد الوجهين المشتركين بالقطعة، مع مراعاة أن يكون اللون المربع المتجه للأسفل موافقاً للون مربع الوسط الذي فوقه، كما بالشكل،

ثم نقوم بالخطوات الثلاثة التالية :

لاحظ أن مربع الجانب هنا تم حله في ثلاث خطوات فقط بدلاً من ثمانية في طريقة المبتدئين العادية، التي شرحناها سابقاً، ويمكننا إدارة الوجه العلوي واستخدام نفس الطريقة لحل مربع جانب آخر، حتى يتبقى المربع الأخير، فعدها أقوم بحل الركن المتبقي ، ثم مربع الجانب الأخير الذي يتم حله بالطريقة التقليدية،

Sunday, June 20, 2010

تعليق بدون تعليق

"الشرطة تقتل شابا يصفه البعض بالوسيم فى الشارع فى الأسكندرية !
… ماذا نقول ؟ … بداية جيدة !" ........
......"فالأفضل
فى ظل الانفجار السكانى‑ أن يموت مائة برىء من أن يفلت من العقاب مجرم واحد" ..........
.........."وصاحبنا المذكور يقال عنه أنه موزع عقاقير وبالتالى نرى أن من حق الشرطة أن تفعل به ما تراه مناسبا" ..........
........."( ملحوظة : نحن
لسنا ضد إباحة العقاقير لكن ضد الفوضى الأمنية )" .

اقتباسات من تعليق مدحت محفوظ على مقتل الشاب خالد سعيد بالإسكندرية!!!

Tuesday, June 8, 2010

العيش في العالم الافتراضي


منذ أيام قرأت ذلك الخبر عن والدين لطفلة انشغلا عنها بأحد الألعاب الإلكترونية حتى ماتت لسوء التغذية، وكنت قد علقت عليه في حينه، وبعد فترة من التأمل في مضمون الخبر، خطرت لي عدة خواطر أردت أن أشرككم بها، هذا الخبر نبهني إلى خطورة العيش في الواقع الافتراضي، والانعزال عن الحقيقة، فمن المؤكد أن الوالدين موضوع الخبر أثناء مماستهما لهذه اللعبة والانتقال بين مراحلها المتتالية كانا يعتقدان أنهما من أفضل الآباء في العالم، بينما هما في الحقيقة كانا على العكس من ذلك تماماً، وربما لو أمعنت التفكير فيما حولنا الآن لوجدنا نماذج تتشابه مع هذا الوضع بدرجات متفاوتة، وسأحاول أن أسوق لكم بعض الأمثلة.

من هذه الأمثلة التدين الافتراضي، كثبراً ما تفتح بريدك الإلكتروني لتجد عدة رسائل من أشخاص - تعرفهم أو لا تعرفهم - تحمل صبغة دينية، تتحدث هذه الرسائل عن موضوع معين مثل ترديد أحد الأذكار، أو دعوة للتصويت على أحد مواقع الاستفتاءات على شيء يتعلق بالحجاب أو الإسلام أو ما شابه ذلك، وفي الغالب ما تصلك هذه الرسالة عن طريق تمريرها من أشخاص آخرين، وهم بدورهم قد مررت لهم الرسالة من غيرهم، ويطلب منك كاتب الرسالة تمريرها لكل من تعرف وهكذا دواليك، وللأسف تجد هذه الرسائل تحتل أماكن لا تناسبها، فكثيراً ما تحد هذه الرسائل في مجموعات بريدية علمية أو طبية أو إخبارية، أو حتى تلك المجموعات التي تهتم بتبادل القصص والنكات والصور الطريفة، ولا أدري ما مدى مشروعية مثل هذه الأعمال، ولكنها عموماً لا تعجبني، خصوصاً تلك التي تدعو للتصويت على شيء ما، وأعتقد أن هذا التدين الإلكتروني في الأرجح له أثر سلبي على التدين في الحياة الحقيقية، فهو يؤدي إلى إفراغ طاقة صاحبه في غير محلها، فلربما يتكاسل عن عمل الخير في الواقع مكتفياً بما قدمه في عالمه الافتراضي.

ومن الأمثلة الصارخة لهذه الظاهرة أيضاً، الوطنية الإفتراضية، وبالطبع أبرز مظاهرها كان ما حدث خلال الفترة السابقة قرب المباراة الشهيرة بين مصر والجزائر وما بعدها، وأهم تلك المظاهر كان الانخراط في صياغة الرسائل ومقاطع الفيديو والصور والبوسترات التي تدافع عن بلدنا وتهاجم الآخرين، وقضى الآلاف من شبابنا عشرات الساعات في صناعة مثل هذه الأشياء ونشرها على المدونات والمنديات والفيس بوك وغيره، متخيلين أن هذا يعبر عن وطنيتهم وحبهم لبلدهم، بينما الحقيقة كانت إهدار آلاف ساعات العمل فيما لا يفيد، وبقاء الوضع على ما هو عليه، فلا بلدنا تقدمت أو استفادت شيئاً بما تم إنجازه في هذا المضمار، ولم تكن لتخسر شيئاً لو لم يتم شيء من هذا، ومن الأكيد أن هذا الوقت المهدر لو تم توجيهه لأي عمل حقيقي لخدمة الوطن لكان أجدى وأنفع.

المثال الثالث هو الحهاد الافتراضي، وهو في رأيي أسوأ هذه الأمثلة وأشدها ضرراً، ولهذا الجهاد الافتراضي عدة صور، منها حملات جمع التوقيعات على الفيس بوك لإغلاق صفحة معادية للإسلام، أو إعلان التأييد لغزة أو فلسطين، وما إلى ذلك، فمثل هذه الأعمال تؤدي إلى شعور صاحبها بأنه أدى واجبه وعمل ما يقدر عليه، رغم أن ذلك لم يزحزح الواقع على الأرض مليمتر واحد.

قد يسيء البعض فهم كلامي ويظن أنني أعارض كل الأمثلة التي ذكرتها هنا بالكلية، وليس هذا مقصدي، فلست أرى بأساً من إرسال رسالة دعوية للتحذير من أحد الأخطاء الشائعة في العبادات أو السلوكيات، أو رسالة أخرى تسأل الدعاء لإخواننا المضطهدين والمحاصرين، ونحو هذا، ولكن ما أحذر منه هو أن نرى أن هذا كل شيء، فننخرط فيه بكل قوتنا، وننسى أن العمل على أرض الواقع هو ما يؤثرفي الواقع، وأن هذا العالم الافتراضي لو كان له تأثير على الواقع فهو تأثير ضئيل جداً لا يستدعي أن نحشد كل جهودنا وراءه.

ad