Sunday, December 27, 2009

استعادة الكرامة . . . . بوست بايت

كنت قد أعددت هذه التدوينة منذ أسبوعين استكمالاً للتعقيب على أحداث مباراة مصر والجزائر وتوابعها، ولكن حال عطل بجهاز اللابتوب الخاص بي دو نشرها وقتها، كما أنني قد انقطعت عن المدونة والانترنت عموماً لفترة بعد إصلاح الجهاز، وعدت اليوم لأتذكر أنني لم أنشرها، فقررت نشرها مع إضافة هذا التحذير: بوست بايت اقرأه على مسئوليتك



استعادة الكرامة

استكمالاً للتعقيب على أحداث مباراتي مصر والجزائر وتداعياتها، اتخذ الكثير ممن ظهروا في وسائل الإعلام المختلفة نغمة عدم السكوت على إهدار كرامة مصر ووجوب اتخاذ موقف، ومن أبرز الكلمات التي تكررت العبارة الشهيرة "كفاية بقى"، وغير ذلك مما سمعناه من هذا الهراء، ومعركة استعادة الكرامة المزعومة قد تتخذ أي صورة من هذه الصور:

1- الشكوى للفيفا: وهذا هو الغثاء بعينه، لأن الفيفا (من اسمه) هو منظمة تضم اتحادات كرة القدم في الدول الأعضاء، وبالتالي فإن كل ما يملكه هو كرة القدم وما يتعلق بها، فلن تخرج قراراته (إذا قرر معاقبة الجزائر أصلاً) عن غرامات مالية، أو حرمان الجمهور من حضور عدد من المباريات، أو حتى نقل المباريات خارج الأراضي الجزائرية، حتى لو وصل الأمر لتعليق عضوية الجزائر أو طردها من الفيفا (وهو مستحيل بالطبع)، فما الذي يرد للمصري اعتباره في كل ما سبق، الجواب هو لا شيء، كما أن شكوانا أصلاً ليست من مخالفات وقعت في أثناء المبارة أو داخل الملعب، ولكن من أحداث وقعت إما خارج المباراة وبعيداً عنها، أو على صفحات الجرائد ومواقع إلكترونية، وشاشات فضائية، وإذا أضفناإلى ما سبق النفوذ الأقوى للجزائر في الفيفا، وهزلية الملف المقدم من مصر، وفشلنا في تقديم أدلة دامغة على حدوث الاعتداءات، فإننا نعلم مسبقاً أن المحصلة في هذا الاتجاه لن تزيد عن صفر كبير.

2- المواجهة على الصعيد السياسي: وهو الموقف الذي يستبعده أي عاقل، لأن السياسيين لن يورطوا أنفسهم فيما يظنون أنه لعب عيال، وكذلك لأنه لا طائل من ورائه لأننا لا نملك نفوذاً خارجياً يمكننا من الضغط على الجزائر بأي وسيلة، فنحن لا نعطيهم معونة مثلاً، ولا نصدر إليهم سلعاً استراتيجية سيتأثروا بمنعها عنهم، وأقصى ما سنحصل عليه هو اعتذار بروتوكولي بارد (ده إذا حد عبرنا).

3- المواجهة على الصعيد القضائي: وأعتقد أن ها هو الحل الأفضل لكل من الطرفين، لأن ما معظم ما حدث يقع تحت مسميات يجرمها القانون، ويجب أن نتصدى لها بالقانون وفي ساحات القضاء، فمثلاً أحداث العنف التي حدثت ضد الجمهور المصري في السودان هي جريمة، ونشر الأخبار الكاذبة في وسائل الإعلام جريمة، وتلفيق الأدلة جريمة، والاعتداء على ممتلكات المصريين في الجزائرجريمة، وإحراز السلاح جريمة، وإلى آخر القائمة الطويلة من الجرائم ، ولكن قبل أن نلجأ لهذا الحل يجب أن ندرك شيئين مهمين، الأول أن إثبات هذه الجرائم يقع في مسئوليته على عاتق أجهزة الأمن في كل من مصر والجزائر والسودان، وكذلك على عاتق الضحايا من المصريين، والثاني هو أن ذلك يعرض بعض المصريين ومنهم شخصيات مشهورة كثيرة للوقوع تحت طائلة القانون، لوقوعهم في جرائم مشابهة، مثل ذلك المذيع الذكي الذي قام بالتحريض على الهواء مباشرة على ذبح الجزائريين المقيمين في مصر، وذلك الأذكى منه الذي قام بسب الشعب الجزائري ووصفه بالعديد من البذاءات (لقيط، حقير، متخلف ...إلى آخر القاموس)، فضلاً عن قيام بهض الشباب بالاتحرش بالجمهور الجزائري في مصر، أو محاولة الاعتداء على السفارة الجزائرية بالقاهرة، وبالرغم من هذه الصعوبات، فإنني منحاز بشدة إلى هذا الحل، لأن بالبلدي كده اللي غلط لازم يتربى، فنحن نحب أن نرى من اعتدى على اسم مصر في الصحف الجزائرية، أو أذاع أخباراً ملفقة هناك، نحب أن نراه خلف القضبان أو مكبلاً بغرامة مالية ثقيلة تقصم ظهره، و موقوفاً عن العمل الصحفي، وإثبات هذه الاتهامات لا يوجد ما هو أيسر منه، ولكن يجب أن نخوض هذه المعركة القضائية في الجزائر، وبالمثل لا أمانع أن يحاسب كل مصري قام بنفس العمل بالمقابل، لأن الحق أحق أن يتبع، بل أرى أنه لا بد من ذلك حتى يعلم من يقف أما ميكروفون ليتكلم أن كلامه محسوب عليه، وأن افتراءه بالباطل يعرضه للمساءلة، وكذلك أحب أن نقدم مسئولي ولاعبي المنتخب الجزائري للقضاء المصري بتهمة تلفيق الأدلة (في واقعة تحطيم الأتوبيس) وليحصل كل واحد على ما يستحق، ولو ثبت أن واقعة تحطيم الأتوبيس حقيقية وأن مسئولين مصريين متورطين في إخفاء آثار هذا الاعتداء فليقدموا هم أيضاً للمحاكمة وليلقوا ما يستحقون أيضاً، أما اعتداءات الجماهير من الطرفين فهذه تقع مسئولية إثباتها على عاتق أجهزة الأمن، وهي مهمة عسيرة إلى حد كبير، بسبب كثرة الأعداد وانتقال الآلاف المؤلفة من الجماهير من وإلى كل من مصر والجزائر والسودان في وقت قصير، ولكن قد يساهم انتشار التصوير والكاميرات خلال الأحداث في إثبات بعض الجرائم على بعض الأشخاص، ويجب أن يقدم كل من يمكن الوصول إليه من هؤلاء إلى المحاكمة.

والأهم هو أن نعلم أن المصريين هم أول من أهان كرامة مصر وأهدرها بادعاءنا أنها معركة كرامة دون أن نلاحظ أنها معركة خاسرة مقدماً بجميع الوجوه، وكذلك بقولنا "كفاية سكوت على إهدار كرامة مصر"، فهذا يستلزم أننا سكتنا على إهدار كرامتنا من قبل ولكننا مللنا من هذا السكوت فقلنا كفاية، واسمع لقول الشاعر:

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام

ونهين مصر أيضاً بأسلوب المعايرة الرخيص الذي اتبعه معظم الإعلاميين المصريين، فليس من خلق الكرام أن يمنوا على من أحسنوا إليه، هذا بفرض أن ما قدمته مصر للجزائر وغيرها من العرب كان إحساناً ولم يكن من قبيل تبادل وتداخل المصالح، وننسى أنه كما كان لمصر أفضال فعليها أيضاً أفضال، وأهنا مصر أيضاً بالمعايرة بالعاهرات والمجرمين والسكارى، وكأن مصر خلت من العاهرات والمجرمين والسكارى، فيجب على كل واحد أن يعقل ما يقول قبل أن تلفظ به، ويعلم أنه محاسب به في الدنيا قبل الآخرة، هذا بالنسبة لأي شخص عادي، أما من كانت صنعته الكلام، ولا يدري ما يقول فحري به أن يترك هذه المهنة ويريحنا من غثائه.

Friday, December 4, 2009

مقال آخر: لفهمي هويدي

مقال مفيد لفهمي هويدي في التعليق على الأحداث بين مصر والجزائر

صحيفة الوطن الكويتيه الثلاثاء 14 ذو الحجة 1430 – 1 ديسمبر 2009
بعد صدمة الخرطوم: الخطايا العشر – فهمي هويدي – المقال الأسبوعي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2009/12/blog-post.html
http://fahmyhoweidy.jeeran.com/archive/2009/12/978680.html

لا أدري ما إذا كان قد بذل أي جهد في مصر لمراجعة ما جرى بين مصر والجزائر بسبب ما أفضت إليه مباريات كرة القدم بين البلدين، لكنني أزعم أننا ارتكبنا عشر خطايا على الأقل، ينبغي أن نعترف بها عسانا أن نتعلم منها، مدركا أن ثمة خطايا جزائرية أيضا أترك أمرها لذوي الشأن هناك، الذين هم أدرى بشعاب تجربتهم.
- 1 -
> الخطيئة الأولى أننا حولنا الحدث الرياضي إلى قضية وطنية وسياسية، لذلك أسرفنا على أنفسنا كثيرا في تعبئة الناس لصالح الفوز في الخرطوم، صحيح أن التعبئة واسعة النطاق كانت حاصلة أثناء المباراة الأولى في القاهرة، إلا أن فوز المنتخب المصري فيها ضاعف كثيرا منها، الأمر الذي ألهب مشاعر الجماهير ورفع من سقف توقع وصول مصر إلى التصفيات النهائية لكأس العالم، من ثم أصبح كسب مباراة الخرطوم بمثابة الشاغل الأول للإعلام والمجتمع في مصر.
الذي لا يقل أهمية عما سبق أن ذلك لم يكن موقف الصحافة الرياضية أو القنوات الخاصة، وإنما كان واضحا أنه موقف الدولة المصرية، الذي عبر عنه التلفزيون الرسمي والصحف القومية حتى أصبح التنافس على الاستنفار وتأجيج المشاعر مهيمنا على ساحة الإعلام المصري ورغم أن مشاكل سياسية وحياتية ملحة كانت مدرجة على قائمة اهتمامات الناس الداخلية في تلك الفترة، مثل مستقبل الحكم في مصر وتلال القمامة في القاهرة والجيزة واختلاط مياه الشرب بالمجاري، فإن مثل هذه الأمور تراجعت أولويتها وانصرف الرأي العام عنها، وأصبح الفوز في موقعة الخرطوم هو الشاغل الوحيد للجميع وهو ما نجحت في تحقيقه قنوات التلفزيون العشر في مصر، وكان ملاحظا أن بعضها لجأ في سياق سعيه لإثارة المشاعر الوطنية لدى الناس إلى بث الأغاني الحماسية التي صدرت في الستينيات إبان مواجهة الهيمنة الأمريكية والعجرفة الإسرائيلية،
النتيجة أنه كما أن بعض الغلاة في الجزائر اعتبروا أن الفوز على المنتخب المصري حدث تاريخي يأتي بعد تحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي، فإن نظراءهم في بلادنا اعتبروا الهزيمة في الخرطوم من جنس الهزيمة التي لحقت بمصر وأدت إلى احتلال سيناء في عام 1967.
- 2 -
> الخطيئة الثانية أن التنافس في ظل هذه المبالغة ألغى الذاكرة المتبادلة واختزل مصر في منتخب كرة القدم واللون الأحمر، كما اختزل الجزائر في فريقها الكروي واللون الأخضر، وهذا الاختزال المخل هبط بمستوى الإدراك، كما أنه صغّر كثيرا من البلدين وهوّن من شأنهما، مما أوقعنا في «مصيدة التفاهة».
وهذا المصطلح الأخير اقتبسته من عنوان مقالة في الموضوع كتبها الدكتور غازي صلاح الدين، المفكر السوداني ومستشار الرئيس البشير نشرته صحيفة الشرق الأوسط في 11/23، في مقالته تلك قال الدكتور غازي إن الأزمة كشفت عن مظاهر بعض الأمراض النفسية لدى الشعوب إذ عمدت عمليات التعبئة التي صاحبت المباراة إلى مسخ الذاكرة وإلغائها، فمسحت تاريخ أمة عظيمة كمصر من ذاكرة المتحمسين والمتلقين
وفي لحظة لا وعي غاب عن عقول المتحمسين لنصرة فريقهم بأي ثمن المصلحون والساسة من الإمام محمد عبده على سبيل المثال لا الحصر إلى سعد زغلول ومن حسن البنا إلى عبدالناصر، أما علماء مصر الذين زحموا التاريخ بمناكبهم أمثال الليث بن سعد وابن منظور وجلال الدين السيوطي وطه حسين ومن في حكمهم من الأفذاذ فقد انزووا في أجواء المباراة إلى ركن قصي،

وبالمقابل غابت عن نواظر المتحمسين من الطرف الآخر إسهامات الجزائريين في التاريخ وشدة بأسهم في مجالدة المستعمرين التي ألهمت الشعوب المستضعفة وقدمت لها ملحمة عظيمة من ملاحم الجهاد ضد المستعمر، هكذا غاب أو غيب الأمير عبدالقادر الجزائري وابن باديس والمجاهدة فاطمة نسومر والمجاهدة جميلة بوحريد وبالطبع اختفى عن ناظرينا تماما علماء ومفكرون كالبشير الإبراهيمي ومالك بن نبي أما المليون شهيد فلم يعودوا أكثر من إحصائية في مكتب سجلات الوفاة.
هكذا من خلال عملية الإلغاء، تم الاختزال وهو في رواية جورج أورويل (1984) حيلة يلجأ اليها (الأخ الأكبر) من أجل برمجة أعضاء المجتمع ومغنطتهم حتى يفقدوا الإرادة والقدرة على التفكير والاختيار الحر وهذه البرمجة التي تقوم بها «وزارة الحقيقة» في دولة أوشينيا تعتمد في جانب منها على إلغاء المفردات اللغوية والاكتفاء بمفردة واحدة ما أمكن حتى تختفي الظلال الدقيقة للمعاني وتتبسط المضامين إلى درجة الابتذال
وفي مباراة مصر والجزائر جرت عملية برمجة اختزلت الدولتين إلى لونين أحدهما أحمر والآخر أخضر فمصر بغض النظر عن رمزيتها وإسهامها هي محض لون أحمر والجزائر ،لا يهم تفردها التاريخي وامتيازها، هي فقط لون أخضر
والأمر باختصار أمر حرب والحرب في صميمها بين طائفتين مختزلتين في لونين وأنت بالخيار ويالضخامة الخيار بين أن تؤيد الأخضر أو الأحمر، أما وقد اخترت فالمعركة كما في ألعاب الحاسوب صارت معركة كسر عظم.
- 3 -
> الخطيئة الثالثة أن الأحداث التي أعقبت مباراة الخرطوم بوجه أخص جرى تصعيدها في الإعلام المصري، فتحولت من اشتباك مع المشجعين إلى اشتباك مع الدولة والشعب الجزائري في تعميم مخل وخطير. إذ في ظل الانفعال والتجاوز الذي شهدناه أهين الشعب الجزائري وجرحت رموزه في وسائل الإعلام المصرية، على نحو لا يليق بإعلام محترم ولا ببلد متحضر.

ولا أريد أن أستعيد الأوصاف التي أطلقتها أغلب وسائل الإعلام المصرية في هذا الصدد لشدة الإسفاف فيها وبذاءتها، لكني فقط أنبه إلى أمرين،
أولهما أن هذه اللغة التي استخدمت من شأنها أن تحدث شرخا عميقا في علاقات البلدين لن يكون علاجه والبراء منه سهلا في الأجل المنظور،
الأمر الثاني أن القطيعة التي أفضى إليها هذا الأسلوب هي أثمن هدية قدمناها إلى دعاة الفرانكوفونية المعادين للعروبة والإسلام في الجزائر، ذلك أننا أبدينا استعدادا مذهلا لأن نخسر شعبا بأكمله لأننا لم نفز في مباراة لكرة القدم وتعرضت بعض حافلات المشجعين المصريين لاعتداءات من جانب نظرائهم المصريين،
وإذا قال قائل إن الإسفاف الذي صدر عن الإعلام المصري كان له نظيره في الإعلام الجزائري، فردي على ذلك أن ما صدر عن الإعلام الجزائري كان محصورا في صحيفة خاصة أو اثنتين في حين أن الإعلام الرسمي التزم الصمت طول الوقت، بعكس ما جرى عندنا حين شارك الإعلام الرسمي أيضا في حملة الإسفاف.
> الخطيئة الرابعة أننا لم نعلن حقيقة ما جرى أثناء مباراة القاهرة الأولى، وأخفينا أن الحافلة التي استقلها المنتخب الجزائري تعرضت للرشق بالطوب، الذي أصاب بعض اللاعبين بالجراح (أحدهم أصيب في رأسه وعولج بأربع غرز).
في الوقت ذاته فإننا روجنا لرواية غير صحيحة اتهمت اللاعبين الجزائريين بافتعال الحدث، في حين أن ثلاثة من أعضاء الاتحاد الدولي (الفيفا) كانوا يستقلون سيارة خلف الحافلة، ومعهم ممثلون عن التلفزيون الفرنسي، وهؤلاء سجلوا ما حدث وصوروه، وكانت النتيجة أن الفيفا أداننا، وظننا نحن أننا نجحنا في طمس الموضوع بواسطة الإعلام المحلي، الذي لم يسكت فقط عما جرى للحافلة، لكنه تجاهل أيضا ما جرى للمشجعين الجزائريين في مصر، الذين تقول وزارة الصحة المصرية إن 31 منهم أصيبوا، في حين سجلت السفارة الجزائرية أن عدد المصابين 51 وليسوا 31 وأحد المصابين الجزائريين طعن بمطواة في بطنه!
> الخطيئة الخامسة أننا تركنا الأمر للإعلام الذي تولى قيادة الرأي العام في مصر، ولأن بعض هؤلاء ليسوا مؤهلين فكريا أو أخلاقيا، كما ذكر بحث الدكتور معتز عبدالفتاح في مقاله بجريدة «الشروق» نشر في 11/21. فقد عمدوا إلى التهييج والإثارة والتحريض، وتجاوزوا في ذلك الحدود المهنية والأخلاقية، وكانت النتيجة أن المناخ الإعلامي عبأ الناس بمشاعر مريضة وغير صحية، استخرجت منهم أسوأ ما فيهم من مشاعر وتعبيرات ومواقف، دعت بعض حمقى المدونين إلى اعتبار إسرائيل أقرب إلى مصر من الجزائر (!).
< الخطيئة السادسة أن بعض وسائل الإعلام وبعض الشخصيات المعتبرة - علاء مبارك مثلا - أرجعت ما جرى إلى «حقد» يكنه الجزائريون لمصر، في تسطيح وتبسيط مدهشين। وهو كلام لا يليق ولا دليل عليه، لأن العكس هو الصحيح تماما. ذلك أن الموقف الرسمي للجزائر تعامل دائما مع مصر بمودة واحترام كبيرين. منذ أيام الرئيس بومدين، الذي دفع للسوفييت قيمة السلاح الذي احتاجته بعد هزيمة 67، وإلى عهد الرئيس بوتفليقة الذي انحازت حكومته للمستثمرين المصريين ومكنتهم من أن يتخطوا فرنسا ليصبحوا المستثمر الأول في الجزائر. والتي تنازل وزير خارجيتها الأسبق وقاضي محكمة العدل الدولية المتميز محمد بدجاوي لصالح وزير الثقافة المصري فاروق حسني في انتخابات اليونسكو. * الخطيئة السابعة أننا وسعنا من دائرة الاشتباك دون أي مبرر، حين روج بعضنا للسؤال: لماذا يكرهنا العرب؟॥ وهو بدوره سؤال مستغرب ينطلق من فرضية مفتعلة وخبيثة. وهو ذاته السؤال الأبله الذي طرحه الأمريكيون في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، حين عمموا الاتهامات على كل المسلمين، وراحوا يسألون لماذا يكرهوننا؟.. وإذا كان الأمريكيون يطرحون السؤال على أنفسهم وهم يعلمون أنهم محتلون ومهيمنون على العالم الإسلامي، فالكل يعلم أن مصر لم تعد تنافس أحدا وليس لها نفوذ يذكر في العالم العربي والإسلامي، وخطورة السؤال لماذا يكرهوننا، تكمن في أنه يعزز جدران العزلة بين مصر والعالم العربي، بقدر ما يمهد الطريق عبر الجسور - البعض يتمناها تحالفا - بين مصر وإسرائيل.
- 4-
* الخطيئة الثامنة أن الانتماء العربي طاله نقد وتجريح قاسيان من قبل أطراف عدة، إذ ببساطة مدهشة أبدى البعض استخفافا بذلك الانتماء ونفورا منه. وأبدوا استعدادا للاستقالة منه، وقد استهجنه واستنكره علاء مبارك، حين قال في تعليقه الذي أعيد بثه أكثر من مرة:
إن العروبة لم يعد لها معنى،
كما نشر على لسان وزير التنمية الاقتصادية محمد عثمان قوله أمام مؤتمر التنمية في (11/24) إن مصر قوية بعروبتها أو بغيرها. وهي لا تقبل أن يكون الانتماء العربي عبئا عليها.
وسمعنا فنانة محترمة مثل إسعاد يونس تصف نفسها في أحد البرامج التلفزيونية بأنها «فرعونية» مستنكفة أن تشير إلى هويتها العربية.
وحين يصدر هذا الكلام على ألسنة رموز في المجتمع، فلك أن تتصور صداه في أوساط الشباب، الذين ذهب بعضهم إلى أبعد، حتى نعت العروبة بأحط الأوصاف.
< الخطيئة التاسعة أن نفرا من المعلقين في وسائل الإعلام المصرية وبعض الشخصيات العامة خاطبوا الجزائر وغيرها من الدول العربية بلغة المن المسكونة بالاستعلاء والفوقية، ذلك أن تعليقات عدة انطلقت من معايرة الجزائريين وغيرهم بما سبق أن قدمته مصر لهم في مرحلة الستينينات، حتى قال مثقف محترم مثل الدكتور يوسف زيدان في مقال منشور: إن مصر أنفقت من أموالها لكي تجعل الجزائر عربية. وردد آخر في أكثر من تعليق العبارة المأثورة: اتق شر من أحسنت إليه، وهذا منطلق لا يليق بأهل الشهامة والمروءة، من حيث إنه يعمق الشرخ ولا يداويه. فضلاً عن أن ما قدمته مصر للجزائر وبعض الدول العربية بحكم دورها القيادي الذي مارسته في مرحلة، تلقت مقابلا له، وربما عائدا أكبر منه في وقت لاحق، حين تأزمت مصر وأصبحت بحاجة إلى مساندة «الأشقاء». الخطيئة العاشرة والأخيرة أن مصر في الأزمة التي مرت صغرت وفقدت الكثير من حجمها كأكبر دولة عربية. صغرها الخطاب الإعلامي الذي قدمها إلى العالم الخارجي في صورة غير مشرفة، حتى قال لي بعض المصريين المقيمين بالخارج إنهم كانوا يتوارون خجلا مما كانوا يسمعونه في البرامج التلفزيونية المصرية. وصغرها أنها حين هزمت في الخرطوم بعد الأداء المشرف لفريقها فإنها تمسكنت ولعبت دور الضحية التي تستحق الرثاء والعطف، وصغرها أن ملأت الفضاء ضجيجا وصخبا، وعجزت عن أن تقدم دليلا مقنعا يؤكد ما تدعيه. .......................

Thursday, December 3, 2009

مقال صادم لإبراهيم عيسى

اقرأ هذا المقال للكاتب الذي أحترمه رغم أن لي مآخذ كثيرة عليه:


إبراهيم عيسى يكتب: تلك الحقيقة التي تريد ألا تعرفها أبدًا







أولا: هل مصر فعلاً صاحبة فضل علي البلاد العربية؟


هذا السؤال قد يبدو ساذجا ومستفزا، هل مصر فعلا صاحبة فضل علي البلاد العربية أو بالأحري علي الشعوب العربية؟ حيث يبدو أن هناك إجماعا عاما واسعا ومسلما به بين المصريين علي هذا الأمر باعتباره حقيقة لا تقبل النقاش وأن الشيء الوحيد المسموح به (وعلي استحياء هذه الأيام) هو لوم وتقريع خفيف لزوم العشم بألا نعاير العرب بذلك، أي أن حقيقة أننا أصحاب فضل مفروغ منها والجدل (الخافت والمستحي) هو حول شرعية المعايرة وليس علي ثبوت وإثبات تلك الحقيقة، الأمر الذي يستوجب فعلا مصارحة بيننا تستلزم أن نفتح عقولنا ونسأل أنفسنا عن أشياء باتت موضع البدهيات بينما هي في الأصل موضع شبهات أو بأكبر قدر ممكن من المجاملة مشتبهات!

مبدئيا فإن شعبا يلوك في فمه كلاما من نوع: «ده إحنا فضلنا علي الكل، أو هؤلاء نسيوا فضل مصر، ده إحنا اللي عملناكم وإحنا اللي حررناكم»، وهذا اللغو المسكين يعبر عن استجداء المصريين للآخرين أكثر منه معايرة، وكأننا نقول لهم والنبي قولوا إننا كويسين، وحياتكم كلموني عن جمالي وروعتي، شيء ما في إلحاح المصريين علي طلب اعتراف الآخرين بفضل مصر يشبه تلك المرأة العجوز المسنة التي تريد ممن حولها أن يتذكروا كم كانت جميلة؟ وكم يطربها أن يتحدث الآخرون عن جمالها، بينما صورتها في المرآة حاليا كاشفة لتجاعيد تملأها قهرت جمالها السابق وتحيله الآن قبحا!

المصريون الآن أشبه بأحفاد رجل أصيل الأصل وغني المال وعظيم الأخلاق وواسع الثروة مات فبدد أبناؤه وأحفاده قصوره ومصانعه ومزارعه وثروته وقعدوا كحيانين علي الرصيف لا يملكون ما يقولونه وما يفعلونه سوي الحديث عن مجد جدهم دون أن ينتبهوا أنه مات وأنهم ضيعوا ثروته ومرمغوا سمعته وحلاً!
لاحظ أنني حتي هذه الفقرة أساير وأسير مع الذين يقولون إن لمصر فضلا وأناقش الطريقة لا الحقيقة، الطريقة التي تعبر عن ناس لا يعرفون الفضل والفضائل لكن يثرثرون عنه طول الوقت فصاحب الفضل إن كان فضلا وإن كان صاحبه يفقد قيمته وقيمه حين يتباهي به ويتنابز حوله ويرتكب حين يردد هذا اللغو، فعلا غير أخلاقي، فمن هو الإنسان المحترم الذي يفعل فعلا نبيلا شريفا ثم يعاير الناس به ثم أيضا يطلب مقابل هذا الفعل بل يريد أن يكون الناس أسري أو عبيدا لفضله وكأنه خسيس فعل شيئا قيما في حياته نادرا واستثنائيا وما صدق أنه فعله فأخذ يعاير الناس به ويطلب مقايضة أمامه حتي كره الناس فضله وكان يوم أسود بستين نيلة يوم ما قبلت تسلفني يا أخي! !
بينما نقول عن الشخص الذي ينسي الفضل إنه ندل، فإننا نصف الشخص الذي يطلب مقابل فضله وكأنه ماسك ذلة بذات الصفة.... الندالة!!
المذهل هنا أن أجيال المصريين الحالية ومنذ أربعين عاما تحديدا هي أكثر أجيال تخلت وولت وخلعت وفرت واستندلت مع العرب ومع ذلك فهم -وليس أجدادهم وآباءهم -الذين يطالبون الآخرين بسداد قيمة الفضل (إن وجد)، وهم هنا يسيئون ويهينون ذكري أجدادهم كما يعرون مادية وانتهازية تفكيره!
لكن دعنا من هذا كله رغم أهميته، وتعال لنسأل السؤال الجاد الناشف الجاف: هل نحن فعلا أصحاب فضل علي العرب؟
أولا مكرر: هل نحن فعلا أصحاب فضل علي العرب؟
في علم السياسة وعلاقاتها كلمة فضل كلمة غريبة ومهجورة ليس لها أي محل ولا مجال ولا مكان لها في العلاقات بين الشعوب وبين الدول، والحديث عن الفضل خساسة مضحكة ومثيرة للشفقة فلم نسمع يوما من الأمريكان أنهم أصحاب فضل علي أوروبا وبالتحديد علي ألمانيا مثلا حيث خرجت برلين مهزومة ومنسحقة ومفلسة من الحرب العالمية الثانية فتولت أمريكا في مشروعها الشهير مشروع مارشال إعادة بناء الاقتصاد الألماني عبر حجم هائل من المنح والقروض ساهم المشروع مع علم وعمل ووعي وعقل الألمان في نهضة هذا الشعب وتجديد هذه الدولة لتصبح واحدة من الدول الثماني العظمي في الكرة الأرضية، فهل تطاول أمريكي وقال يوما لمستشار (رئيس) ألمانيا أو للصحف الألمانية: تذكروا فضل أمريكا عليكم يا عرر يا جرابيع يا نازيين!!!
لن أطيل عليكم في سرد تجارب دولية كبري في مساندة الشعوب الصديقة والجارة والتي تربطها مصالح مشتركة عميقة ومهمة وأهداف واحدة وثقافة تكاد تكون موحدة، لكن المحصلة أنه لا أحد في العالم يقول هذا الكلام الفارغ بتاع الفضل وكلام الناس العاجزة الخايبة!
ثم في مجال الأخلاق السياسية والسياسة الأخلاقية كلام مثل هذا معيب وجارح للطرفين، فالذي يقول إنه صاحب فضل كأنما هو تاجر البندقية شيلوك اليهودي الذي يريد أن يقتطع لحم الناس المدينين له كي يوفوا بسداد ديونهم كما أنه أمر يثير عدوانية الطرف الذي نال الفضل (لاحظ مازلت ماشي معاك في أننا أصحاب فضل وهذا غير صحيح بالمرة وتماما) فأنت عندما تعاير شخصا وتضغط عليه فأنت في الحقيقة تبتزه ابتزازا رخيصا كي يكون تابعا أو خادما أو مكسورا أمامك وهو ما ينقلب إلي عكس ما تطلبه وضد ما ترجوه فللصبر حدود وللطاقة احتمال محدد!
لكننا فعلا لسنا أصحاب فضل علي العرب!
أعرف أنك لن تستطيع معي صبرا لكنك لو صبرت لاستطعت!


ثانيا : إذا كان لأحد فضل علي العرب فهي ليست مصر بل جمال عبدالناصر!


نعم الجملة شديدة الوضوح، إذا كان لأحد فضل علي العرب فهي ليست مصر بل جمال عبدالناصر، ما نتحدث عنه باعتباره عطاء مصريا عظيما وبلاحدود للعرب وللدول العربية أمر يخص مصر جمال عبدالناصر ولا دخل بمليم فيه لمصر أنور السادات وطبعا مصر حسني مبارك، وإلا قل لي وحياة أبيك ماذا قدمت مصر للعرب منذ تولي الرئيس مبارك حكم مصر؟
ما فضل مصر علي العرب؟
ما فضل مصر علي ليبيا مثلا؟ حتي يتذكر الشعب الليبي فضل مصر فتنهال دموعهم وتنسال أنهارا من فيض الفضل المصري؟ ربما تكون العلاقات التجارية التي مارستها مصر مبارك مع ليبيا خلال الحصار الدولي عليها موضع تذكير وفخر من حفنة تعرف بذلك في دوائر السياسة الحاكمة، لكن الحقيقة هذه العلاقات أفادت مصر أكثر من ليبيا ثم إن ليبيا كانت تقيم ذات العلاقات سرية وتحتية مع شركات ودول أخري في تبادل فوائد مشتركة فهو أمر لا يخص مصر مبارك بميزة ولا يقدم لمصر فضلا!
طيب ما فضل مصر علي الشعب السوداني؟ ممكن تحكي لي شوية عما فعلناه للسودان مثلا، ولا أي حاجة، حكومة وشعبا، بل نسينا السودان ونتغافل عن مشاكله ولا نتعامل مع همومه ولا حتي نستفيد من خيراته وفرص استثماراته؟
حد فيكم فاكر أي فضل لمصر علي السودان منذ استقلال السودان، بلاش منذ استقلاله، بل منذ 28عاما هي حكم الرئيس مبارك، ألا تتذكرون معي أننا كنا مقاطعينه أصلا بعد انقلاب البشير ومنذ محاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس أبابا وكانت هناك فجوة كبيرة وجفوة أكبر، وقبلها كانت خناقات للدجي مع حسن الترابي (وكذا المهدي وحزب الأمة أيضا) وكنا ننتصر لجعفر النميري ديكتاتور السودان حتي تخلصت منه ثورة سودانية شعبية، هل فعلا عملنا أي شيء كي يدين لنا سوداني واحد بإيقاف مذبحة دارفور، أو منع انفصال الجنوب (ربما ساهمنا بتكريس انفصاله!!) هل رحبنا باللاجئين السودانيين كما يجب علينا مع اللاجئين ومع السودانيين؟ هل نشطنا تجارة واستثمارا مع السودان كما فعلت الصين وتكاد تكون المستثمر رقم واحد في السودان؟ هل انتهينا إلي حل محترم يصون حقوق البلدين في خلافنا حول شلاتين وحلايب (ألم تسمع أن حكومة الخرطوم تعاملت مع حلايب باعتبارها دائرة انتخابية سودانية!)
حد يقول لي أي حاجة في فضلنا علي العراق؟
وماذا فعلنا للجزائر ومع الجزائريين منذ أربعين عاما!!
وما فضل حضرة أي واحد فينا علي تونس مثلا وقد كنا نخاصم الحبيب بورقيبة منذ أيام عبدالناصر ثم لا نتذكر عن علاقاتنا مع تونس سوي مباريات كرة القدم ذات الخيبة! وأن الفرق التونسية كانت تمثل حتي حين عقدة للفرق المصرية!!
أما المغرب فمش عايز أسمع ولا كلمة عنا معها فقد انتهي وجودنا فيها بعد رحيل عبدالحليم حافظ وحفلاته وأغنياته للملك محمد الخامس!
بينما موريتانيا أنا أتحدي أي مصري يقول لي اسم رئيسها الحالي؟ أو عدد سكانها؟ أو اسم جورنال واحد فيها؟، بل أظن أن معظم المصريين لا يعرفون أن موريتانيا تتحدث اللغة العربية!!
ندخل بقي علي المشرق العربي!
كلموني شوية عن فضلنا علي لبنان... الحقيقة لبنان ذات فضل متبادل يخص نانسي عجرم وهيفاء وهبي وإليسا وأفلامنا السينمائية التي صورناها في بيروت بعد النكسة وكان القلع والخلع فيها فوق الركب، ثم تفرجت مصر علي الحرب الأهلية في لبنان خمسة عشر عاما ولا حيلة لنا إلا جملة ارفعوا أيديكم عن لبنان بينما لم تكن لنا فيها يد، وحتي الآن فإن حكومتنا تتعامل مع نصف لبنان باعتباره خصما لها (حزب الله وحركة أمل وتيار ميشيل عون وقلبنا مؤخرا علي وليد جنبلاط فلبنان بالنسبة لحكمنا الرشيد هي سعد الحريري وسمير جعجع!!).
أما فضلنا علي سوريا فبلا حدود طبعا فيكفي أن مالناش دعوة بيها منذ 1973تقريبا ورغم محاولات فنانين مصريين أنصاف موهوبين وأنصاف مثقفين طرد ممثليها من حياتنا المصرية إذا بنجوم سوريا يسطعون في مصر!
وهذه فرصة لطيفة جدا للكلام الفارغ الآخر الخاص بموضوع أن مصر تفتح ذراعيها للفنانين العرب وكأن هذه منة أو منحة، لكن الحقيقة أن مصر بلا فنانين عرب لا تملك أن تقول عن نفسها ولا كلمة من عينة هوليوود الشرق والذي منه، ثم هوليوود الأصل يا بتوع الأصول هي التي تفتح ذراعيها لكل فنان ولأي فنان من أي مكان في العالم وهذا شرط التميز وأس النجاح!
ثم إذا كان فتح مصر ذراعيها للفنانين العرب فضلا فأرجو أن يكون واضحا لدي كل أعضاء نقابة المهن التمثيلية الذين يبدو أنهم في حاجة ماسة إلي دورات تثقيفية في التاريخ فالذي أدخل المسرح إلي مصر يا بهوات يا بتوع الفن هم السوريون والشوام، هم الذين علمونا يعني إيه مسرح وهم الذين بنوا المسرح المصري وخلقوه علي شكله المعاصر من عدم، ثم الشوام والفنانون العرب يا نجوم مقصورة استاد المريخ في الخرطوم هم الذين أسسوا فن السينما في مصر وأنتجوا وأخرجوا ومثلوا أفلامنا الأولي الرائدة واقرأوا تاريخكم الفني لتعرفوا وتفهموا فضل العرب والشوام علي كل فنان مصري!
وبالمرة بقي طالما جئت إلي الذي يوجع فإن الصحافة المصرية هي صحافة صنعها شوام العرب من سوريين ولبنانيين وهم رواد فن الصحافة المصرية الأوائل بل هم مؤسسوها وأصحابها من أول الأهرام والمصور والهلال والمقطم ودار المعارف حتي روزاليوسف إلخ إلخ!
ثم ما فضل مصر علي السعودية؟ وعلي الخليج العربي؟ (لم يأت دور فلسطين حتي الآن فصبرا جميلا والله المستعان).
آه هنا ستسمع كلاما حقيقيًا عن دور المدرسين المصريين والأطباء والمهندسين وغيرهم الذين ساهموا في تعمير وإعمار وتعليم وتطبيب أهل السعودية والخليج!
هذا صحيح لكنه ليس فضلا
هذا عمل ولا أقول واجبا
بذمتك ودينك هل سافر مئات الآلاف من المدرسين والأطباء للسعودية والخليج حبا في أهل هذه البلاد أو رغبة في خدمة الإنسانية أو كرما أو عشقا لسواد عيون المواطن العربي في الخليج (أو في ليبيا والجزائر حيث سافر المصريون ليعملوا هناك).
يا أخي عيب، لايزال السفر لهذه الدول حلما لدي كل شاب مصري كي يكون نفسه ويعمل قرشين ويتزوج أو يبني بيتا، ومحدش يقولي إحنا اللي علمناهم!
فالحقيقة أنهم يتعلمون الآن في أوروبا وأمريكا ولم نسمع عن أن أوروبا وأمريكا تعايرهم، ثم إذا كنا علمناهم فأنا وعلي مسئوليتي الشخصية أزعم أن نصف بيوت أقاليم مصر إن لم يكن أكثر من نصفها كثيرا تم بناؤه بفلوس مصريين يعملون في الخليج والسعودية، يعني بنوا بيوتنا وصرفوا علي أهالينا مقابل ما تعلموه أو اتعالجوا بيه، كان عملا ولم يكن فضلا ولا حتي رسالة! وكان حلم أي مدرس فيكي يا مصر أن يأتي اسمه في كشوف الإعارة للدول العربية، هل بسبب إنه سيذهب لرسالة العلم ونشر الثقافة ورفع راية التنوير، أبدا ولكن بسبب أنه سيقدر علي بناء البيت أو تزويج البنات وتجهيزهن أو توفير مبلغ للزمن أو غير ذلك من مقتضيات ضرورات الحياة!
طبعًا لم أذكر اليمن حتي الآن متسائلا عن فضلنا عليها خصوصا إنه كل شوية يفكرك واحد من إياهم إننا حاربنا لأجل اليمن بينما نحن حاربنا كذلك لأجل الكويت، وهذا ما يقودنا مرة أخري إلي فضل جمال عبدالناصر.
فالمؤكد أن العمل العربي الوحيد المشترك الذي فعلته مصر لأجل شعب عربي منذ 28عاما كان مشاركة قواتها في حرب تحرير الكويت عام 1991، لكن دعني أذكرك أن هذه المشاركة كانت تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية!! ثم كان إسقاط ديون مصر الخارجية تاليا لهذه المشاركة (لا أقول ثمنا وقد تقول، ولا أقول مقابلاً وقد تقول، وإذا قلت أنت ذلك لن أجادلك).
لعلنا في السياق نفسه نتذكر أن مصر أمدت العراق بسلاح في حرب صدام مع إيران وبموافقة ورعاية أمريكية ثم بمقابل مالي ضخم وليس حبا في العروبة (ربما كرها في إيران)، وساعدنا زعيما عربيا مجنونا ومستبدا هو صدام حسين علي تبديد ثروة شعبه وقتل الملايين من أبناء وطنه في حرب بلا طائل وبلا هدف إلا خدمة الأمريكان والصهاينة!
الحقيقة أنه من 28سبتمبر 1970ليلة وفاة جمال عبدالناصر فإن الشعب المصري ليس له أن يفتح عينه أمام أي شعب عربي ليقول له إنني منحتك أو أعطيتك أو تفضلت عليك خلال أربعين عاما، ومع ذلك فإن مصر جمال عبدالناصر لم تكن هي أيضا صاحبة فضل علي العرب!

ثالثا: ومع ذلك فإن مصر جمال عبدالناصر لم تكن هي أيضا صاحبة فضل علي العرب!


جمال عبدالناصر كان زعيما مؤمنا بالعروبة وحالما بالوحدة بين الدول (الشعوب) العربية، هذا صحيح، لكنه ساند ودعم حركات التحرر العربية ضد الاحتلال والثوار العرب ضد الحكومات التابعة للغرب إدراكا منه حقيقيا وعميقا وبعيد النظر للمصلحة المصرية التي هي مع المصلحة العربية في موضع التوأم الملتصق (لم تكن ظاهرة التوائم الملتصقة قد انتشرت كما تنتشر الآن)، مصر كي تتقدم وتتطور وتكبر وتصبح قوة إقليمية قادرة علي بناء ذاتها ومد نفوذها وتلبية احتياجات شعبها لابد أن تملك محيطا حليفا لها ومؤمنا بمبادئها ينسق معها ويخطط معها وينفذ معها، علي سبيل المثال كي يقوم جمال عبدالناصر بتأمين احتياجاتنا المصيرية من مياه النيل والحفاظ علي اتفاقية وقعها مع دول حوض النيل وهي تحت الانتداب أو الاحتلال فلابد أن تكون هذه الشعوب التي تملك مفاتيح ماء النيل صديقة لمصر وحليفة لها، من هنا يمد لها يد العون ويزود ثوارها بالسلاح والمال كي يتحرروا ويتمكنوا من قيادة بلادهم وهذا ما كان في كل الدول الأفريقية التي صار بطلها جمال عبدالناصر حيث مصر موجودة بالقوة المادية وبدعم السلاح والمعلومات وبالأزهر الشريف وشيوخ الدين وبالمدارس والجامعات وبالتأييد لهذه الشعوب في المحافل الدولية سواء الأمم المتحدة أو حركة عدم الانحياز أو غيرهما، لتصبح مصر ساعتها الحليفة والصديقة بل الأخت الكبيرة التي ضحت وساعدت ودعمت وتحصل بالمقابل وبدون أي تردد وبكل حب ونبل علي ما تريده من هذه الشعوب والحكومات، ويكفي يا سادة للمفارقة فقط أن جميع الدول الأفريقية صوتت لصالح مرشحنا المصري فاروق حسني علي منصب مدير عام اليونسكو بينما الرئيس مبارك لم يشارك في مؤتمر الوحدة الأفريقية منذ 15عاما تقريبا! ! كما أن أجهزة إعلام مصر كانت تشير طوال الوقت إلي خوفها من أن تتم رشوة الدول الأفريقية للتصويت ضد مصر! ! وهكذا جهل واضح وغياب مطلق وخلعان كامل يجعلنا بلا قيمة وبلا دور في أفريقيا الآن رغم احتفاظنا بآثار قديمة في قلوب الأفارقة، آثار عهد وقيمة جمال عبدالناصر، انظر الحصيلة: جمال عبدالناصر الذي قطع رجل إسرائيل من أفريقيا بمواقفه وبطولة مصر مع حركات التحرر في أفريقيا صنع أمانا رائعا لمصر من أي اختراق إسرائيلي لمياه النيل أو للدول الأفريقية، ثم إذا بإسرائيل خلال أربعين عاما من حكم الرئيسين السادات ومبارك ترتع في أفريقيا بل ووصلت حتي سدود علي نيلك! !
بنفس المنهج كان عبدالناصر يساند الجزائر وثورتها وشعبها لأن مصر عبد الناصر كانت تنتصر للشرف وللحرية ولكرامة الشعوب في مواجه العدوان والاحتلال، ولأن مصر عبدالناصر كانت في حاجة لأن يكون العرب في حاجتها ومحيطها، ولأن وجود فرنسا محتلة للمغرب العربي معناه أن استقلال مصر وأي دولة عربية منقوص ومهدد، وأنه لا يمكن لاستعمار مجاور لك ومحيط بك أن يسمح لك بالتقدم الاقتصادي أو الاستقلال السياسي أو الصعود التنموي، مصر عبدالناصر كانت تساند وتدعم لأجل نفسها قبل الآخرين ومن أجل مستقبل أبنائها ومواطنيها قبل أي أحد آخر، كذلك فعل عبدالناصر في اليمن (بدون ما تسقط عنه ديون مصر الخارجية بل زادت)، وكذلك كان السودان في قلب اهتمامات جمال عبدالناصر بل في قمة وعيه وخططه، ويكفي أن شعب الخرطوم وأبناءه حملوا سيارة جمال عبدالناصر من فوق الأرض حبا يفوق الوصف واعترافا يفوق الحب بمكانة مصر حين زار الخرطوم في مؤتمر قمة عربي بعد نكسة يونيو المريرة والرهيبة!!
الأمر إذن لم يكن مجرد مبادئ عبدالناصر المؤمنة بالحرية والوحدة بل كذلك كانت خطة عبد الناصر لتحويل مصر قوة إقليمية ودولية مهمة، وقد كانت كذلك فعلا حتي أن عشرات الخطط وضعها جهازا المخابرات الأمريكية والبريطانية لاغتيال عبدالناصر (ظني أن إحدي هذه الخطط أفلحت وقتلوا الرجل في 28سبتمبر 1970فعلا)، ثم كانت نكسة يونيو لتكسير عظام عبدالناصر وإنهاء مشروع مصر الرائدة لبداية مشروع مصر التابعة!!
هنا نتوقف عند فضل مصر علي فلسطين لأكاد أقسم لك بالله أن مصر لا فضل لها علي فلسطين، بل إن مصر ضيعت فلسطين ولو كنت فلسطينيا لركعت لله وسجدت أدعوه أن تحل مصر عن فلسطين كي تتحل!!
مصر حاربت إسرائيل في 1948فانتهت الحرب بضياع نصف فلسطين وبالنكبة الكبري حيث قامت دولة إسرائيل بينما كانت مصر الدولة الأكبر والجيش الأكبر وانهزم أمام عصابات صهيونية، ومن ثم فالمؤكد أن مصر هي المسئولة الأولي عن نكبة 48وهي بالمناسبة شاركت في هذه الحرب لأن أهداف إسرائيل التوسعية والاستعمارية لا تغيب عن أي حمار فما بالك بالعاقل النابه الذي يعرف أن إسرائيل تبحث عن دولتها الكبري من النيل للفرات، ومن ثم فالسكوت عنها وهي تحتل فلسطين كأنه رضوخ وموافقة لأن تحتل بعدها من نيلنا المصري السوداني إلي فراتنا العربي!
أما حرب 67فإن إسرائيل هي التي بدأت وشنت الحرب وقد أضعنا فيها نصف فلسطين حيث كانت القدس تحت ولاية الأردن، وغزة تحت ولاية مصر؛ فانهزمنا وضيعنا القدس وغزة وسيناء والجولان بالمرة.
أما حرب أكتوبر فقد كانت حربا من أجل سيناء وليست من أجل فلسطين وليس في خطتها التي وضعها عبدالناصر أو التي وضعها السادات كلمة واحدة عن فلسطين، فهي حرب مصرية تحاول استعادة أرض مصرية وشاركتنا في الحرب دول عربية كثيرة سواء بسلاح البترول (حد يكلمنا عن فضل البترول) أو بالمدرعات والدبابات كما فعلت الجزائر وكان منوطا بقواتها الدفاع عن القاهرة ضد محاولات احتلالها بعد الثغرة واحتلال السويس، أو بالأبطال الغر الميامين كما فعل الفدائيون الفلسطينيون.
ومن يومها فض اشتباك أول وفض اشتباك ثان ولا فلسطين ولا غيره حتي إننا تحولنا في عصر الرئيس مبارك إلي دولة تقف علي الحياد كما يقول هو نفسه بين إسرائيل والفلسطينيين (لا يقول فلسطين بل الفلسطينيين!)، وصارت مصر الدولة الوسيطة والسمسارة السياسية للصفقات بين طرفي النزاع والصراع وتتباهي بأنها موضع ثقة الطرفين، ثم لاتكف مصر عن لعب دور السنترال في أي أزمة تحيط بالشعب الفلسطيني، حيث تتصل طوال الوقت بوزراء ورؤساء دول أجنبية ترجو منهم وقف إطلاق النار المفرط وتدين بالمرة اللجوء إلي العنف!!. ثم نغلق معبر رفح حتي في لحظات العدوان الإسرائيلي علي غزة، ويملك كثير من المصريين الجسارة أن يقولوا إن هذا عدل وحق، ثم نسمع عن مخاوف من أن يأتي الفلسطينيون إلي سيناء يا خويا ويقعدوا فيها وهيه ناقصة، بينما يقاتل ويناضل اللاجئون الفلسطينيون كي يعودوا إلي أرضهم يخشي عوام منا وغوغاء من بيننا أن يأتينا فلسطينيون من غزة إلي سيناء وكأن نخوة المصريين جفت وكأن ما نسمعه ونراه من تدين المصريين مقصور علي النقاب واللحية والسبحة وتكفير الأقباط وحرق البهائيين، أما الانتصار للحق ونصرة المظلوم وإغاثة اللاجئ والاعتصام بحبل الله فكلام لا يعرفه المصريون ولا عايزين يعرفوه!!

رابعا: هل مصر فوق الجميع فعلا؟


آه جينا للي يزعل أكتر
هل مصر فوق الجميع؟
السؤال الواجب هنا هو أي جميع؟ من هم الجميع الذين مصر تقف أو تجلس فوقهم؟
هل جميع المصريين؟ أم جميع البشر؟ أم جميع الدول؟
الغريب أن دولتين فقط من بين كل دول العالم رفعتا هذا الشعار، الأولي هي ألمانيا النازية، وشعارها ألمانيا فوق الجميع، ألمانيا أدولف هتلر العنصرية العدوانية وكان هذا بشكل رسمي ولفترة مؤقتة (سوداء علي العالم كله)، والثانية التي هي مصر بشكل غير رسمي وفي عهد الرئيس مبارك حيث تتجرأ بعض قيادات الحزب الوطني وببغاوات الإعلام ودببة الفضائيات ويكررون شعار مصر فوق الجميع دون وعي بنازيته وعنصريته وربما دون وعي بمعناه ومغزاه أصلا؟
هذا الشعار عنصري رفعته دولة في فترة عنصرية آمنت فيه فئة مهووسة في مرحلة متطرفة وفي أجواء ديكتاتورية بأن الألمان جنس مختلف ومتميز عن العالم كله، وأن الجنس الألماني نبيل متفوق علي غيره من الأجناس والتي هي أجناس أدني أو قذرة تستحق إفناءها أو قتلها والتخلص منها، أي المقصود والمفهوم من ألمانيا فوق الجميع أنها أعلي وأهم من الشعوب الأخري وأكثر رقيا وتفوقا بحكم الجينات والهرمونات، وأن الألمان يستحقون وفق هذا الإيمان أن يحكموا ويتحكموا في العالم وأن تكون الأجناس الأخري مجرد عبيد وأرقاء وأقنانا عند الجنس الألماني اللي فوق بينما الجميع تحت!!
من إذن أدخل هذا الشعار المجنون إلي بلدنا وجعل حمقي أحيانا ومخلصين جهلة أحيانا أخري وسياسيين متحمسين حينا يرددون هذا الهوس الخرف دون فهم ودون تفكير؟
ثم ماذا يعني هذا الشعار الأخرق؟
هل يعني أن مصر فوق بقية الدول؟ النبي تتلهي!!
فمصر التي تحتل المركز الأخير بين دول العالم في سوق كفاءة العمل، والتي تقبع في المركز 111بين دول العالم من حيث النزاهة والشفافية، والتي لا تزرع قمحها وتستورد رغيف عيشها، والتي لا تشكل أي صناعة فيها أي أهمية في العالم، والتي لا تمثل أي تجارة لديها أي أهمية في العالم والتي لا تظهر في قائمة الدول العشرين الأكثر تصديرا في العالم ولا قائمة المائة، والتي لا تضم جامعة واحدة ضمن أهم خمسمائة جامعة في العالم والتي والذي والذين، هل يمكن أن يصدق أي مهفوف أنها فوق الجميع!
غالبا يتم استخدام هذا الشعار في مواجهة الدول العربية، وهو ما يعود بنا إلي أصل الموضوع وهو هذا الإحساس الزائف عند الشعب المصري بأنه جنس مخصوص غير العرب كلهم وأنه متفوق عليهم وأنه أعظم منهم وأنهم ولا حاجة أمام المصريين، وإذا لم يكن هذا الكلام عنصريا فهو ألعن، فسيصبح كلام ناس عيانة يستحسن ذهابها فورا لطبيب نفسي فهذا مرض شهير معروف بالبارانويا وهو جنون العظمة مقرونة بجنون الاضطهاد، وهذا عين حالتنا السياسية (والشعبية) الراهنة؛ حيث نشعر أننا أعظم ناس علي وجه الأرض، ثم إن العالم كله يتآمر علينا ويتحالف ضدنا ولا نسأل أنفسنا ليه؟
ليه بيتأمروا علينا، هل نشكل أي تهديد لأي دولة في العالم؟
هل ننافس أي دولة أو شعب في التفوق العلمي والاختراعات الهائلة أو الصعود للفضاء أو امتلاك الرءوس النووية؟
هل نهدد الصين في قدرتها علي التصدير ونشكل خطرا علي أمريكا في امتلاكها الفيتو؟ هل يرتجف منا نتنياهو وقادة تل أبيب أم يصفوننا بالأصدقاء والحلفاء؟
لماذا تحقد علينا الشعوب العربية؟
هل تحقد علينا لأننا نتمتع بأقوي صحة بدنية في المنطقة فلا عندنا فيروس سي ولا فشل كلوي وكبدي ولا ينتشر فينا السرطان وأمراض السكر والضغط، أو لأننا نشكل أكبر عدد مرضي بالاكتئاب في الوطن العربي مما يستدعي حقد الشعوب العربية علينا لأننا مفرطو الحساسية؟
هل يحقدون علينا لأننا اكتفينا ذاتيا في الزراعة والصناعة مثلا؟
هل يحقدون علينا لأننا صرنا ننافس كوريا الجنوبية في التصنيع وهونج كونج في التجارة والهند في الكمبيوتر وتركيا في الديمقراطية؟
هل يحقدون علينا لأن رئيسنا عندما يزور دولة عربية يخرج ملايين لتحيته والهتاف باسمه ورفع سيارته فوق الأكتاف؟
كلها أسئلة أليس كذلك؛ فهل تملك أنت إجابات عنها؟
أم أنك ستكتفي بأن مصر فوق الجميع!
أما إذا كان مقصودا بأن مصر فوق الجميع أي أن لها الأولوية الأولي في أي حسابات أو أي قرارات تصدر عن حكومتنا فهذا كلام بدهي ينطبق علي مصر كما ينطبق علي أي دولة في الوجود الإنساني، فلا توجد دولة تتخذ موقفا أو قرارا في غير مصلحتها ووفق أولوياتها وإلا تبقي دولة يحكمها مجانين أو عملاء!
أما إذا كان مقصودا أن مصر أهم من مواطنيها فالحقيقة أن لا دولة محترمة تتعامل بأنها أهم من مواطنيها فالوطن هو مواطنوه، وقيمة وكرامة وكبرياء الوطن من كرامة وكبرياء مواطنيه، وأن حق كل مواطن أن يكون رقم «واحد» في أي قرارات خاصة بالدولة ومن الدولة ومع ذلك فإن مصر بلد الكوسة والمحسوبية وحيث يحصل أقل من عشرين في المائة من مواطنيها علي أكثر من ثمانين في المائة من الناتج القومي لها، بلد أنت مش عارف أنا مين وتوريث الحكم والمناصب للأبناء والأصهار وتكويش خمسين عائلة علي ثروة وحكم البلد، دولة هذا حالها لا يمكن أن تخدع نفسها إلي حد أن تتصور أنها فوق الجميع، فالجميع من السيد الرئيس حتي أصغر مسئول في الحزب أو الحكم فوق مصر!

خامسا: طبعا من السهل جدا اتهام هذه السطور وكاتبها


سهل حيث يلجأ البعض حين سماع كلام لا يحبه إلي كراهية من يقوله لا مناقشة ما قاله، ومن ثم طبيعي جدا أن تخرج اتهامات لكاتب هذه السطور بأنه:
-لايحب مصر.
-أنه متشائم ونظارته سوداء.
-أنه مأجور وعميل.
-أنه يعارض الرئيس لهذا يريد أن يحط من شأن البلد في عهد السيد الرئيس.
أما عن الاتهام الأول فلا أنت ولا اللي خلفوا حضرتك يملك أن يتهمني أنني لا أحب بلدي ولا أنا مطالب أن أثبت لجنابك أنني أحبها.
أما ردا علي الاتهام الثاني فأعترف أن نظري ناقص سبعة العين الشمال، وناقص خمسة العين اليمين، وعندي استجماتيزم وحصلت علي إعفاء من الخدمة العسكرية، بسبب ضعف نظري، ومع ذلك فإن نظارتي بيضاء ولا أحب ارتداء نظارات شمس ملونة أو سوداء طبعا «وإن كنت أحب نادية لطفي وهي ترتديها في فيلم النظارة»، السوداء ثم إنني لست متشائما ولست متفائلا ولا أجد أي ضرورة للتشاؤم والتفاؤل في السياسة بقدر ضرورة الإرادة والعزيمة.
أما الاتهام الثالث فالمأجور والعميل أسهل تهمة يلقيها العملاء والمأجورون علي الناس.
أما الاتهام الرابع فأنا أعارض الرئيس مبارك طبعا وقطعا، فأقول كلاما ويرد علينا غيرنا بكلام (ويردون بشتائم أحيانا كثيرة وبقضايا ومحاكم وأحكام بالسجن أحيانا أخري)، وشوف أنت الكلام الذي تصدقه فصدقه دون تفتيش في نوايا أي من المعارض والمؤيد، ثم أعارض الرئيس مبارك لكنني لا أعارض مصر، ومصر ليست الرئيس مبارك رغم أن ما فعله فيها الرئيس مبارك ربما جعلها غير مصر التي نعرفها، وأخشي أن يورثها لدرجة أن تصبح مصر تلك التي لا تريد أن تعرفها!


سادسا: هل مصر دولة صغيرة وعليها أن تعرف حجمها عشان تتكلم علي قدها؟


كل ما كتبته هنا وسأكتبه لاحقا يهدف إلي أن تسمع تلك الحقيقة التي لاتريد أن تعرفها أبدا، ثم لهدف أكبر هو أن نكبر فعلا؟
ماذا يعني كل هذا الكلام؟
معناه أن مصر دولة عظيمة مرهون تألق عظمتها بشعبها، برئيسها ورجالها، إما أن يكون الشعب المصري في مرحلة ما من تاريخه يليق بهذا البلد فيرفع من مكانته ويعلي من مقامه وتقدم الأمم وقود منطقته العربية، وإما أن يكون الشعب في مرحلة ما (مثل التي نعيشها من 28عاما) خامل الهمة خانع الروح مهدور الكبرياء منكفيا منحنيا معزولا ومنعزلا عن محيطه ومنطقته فيتراجع البلد مكانة وشأنا ويتحول إلي التباهي الممض والابتزاز العاطفي المريض، وتزوي قيمه ويصبح دوره هشيما تذروه الرياح....!



Monday, November 30, 2009

مصر - الجزائر :ماذا بعد؟


أعتقد أن الأمور قد هدأت الآن إلى حد كبير وبدأ الناس يفيقون تدريجياً، بعد أن أسكرتهم المعركة - المهزلة - المفتعلة بين مصر والجزائر والتي انزلق إليها الكثيرين فسقطوا في نظر العقلاء، ومن هذه التجربة المريرة أود أن أضع ملخصاً يضم بعض الدروس المستفادة، وأرجو أن يكون في ذلك عبرة وفائدة:

أولاً: نستفيد من انشغال الناس بهذه المباراة والأحداث المصاحبة لها أن الناس تعاني من فراغ كبير جداً في الناحية الحياتية والروحانية، فلما جاءت هذه المباراة وجدت أنفساً خاوية، وأناساً لا يجدزن شيئاً يشغل أوقاتهم، فملئوها بالاهتمام بهذه المباراة، وصوروا الأمر على أنه حلم وطني ، وأن كل واحد يجب أن يفعل شيئاً لمساندة منتخب بلاده، وإلا كان هذا انتقاصاً من وطنيته، وقامت عشرات الحملات على المنتدات والمدونات والفيس بوك وغيرها، كلها تدعو إلا أشياء سخيفة ومتشابهة، فهذا يدعو إلى إقلاق راحة المنتخب الجزائري ليلة المبارة ليحرم لاعبوهم من النوم، مدعياً إن ذلك هو ما حدث مع منتخب مصر في مباراته هناك، وآخر يطالب بمنع السيدات والفتيات من الذهاب لحضور المباراة بدعوى أن المطلوب هو حضور الشباب القادر على التشجيع الحماسي بدون انقطاع وهو ما لا تقدر عليه الفتيات، والعشرات يقومون بتصميم الشعارات واللوحات التي تبشر بتحول استاد القاهرة إلى استاد الرعب واستاد الموت وأشياء من هذا القبيل، ومثل ما حدث هنا في مصر حدث هناك في مصر، الكثير من هذا الغثاء بدعوى تحميس المنتخب للفوز ومساعدته بتحميس الجمهور وإصابة المنافس بالإحباط،، ويتطور ويبدو أن العيار بدأ ينفلت، فأخبار تنتشر هنا وهناك، مرة يضع هؤلاء صورة المنافسين على صورة مسيئة أياً كانت، ويرد هؤلاء بالمثل ويزيدون عليهم، وتظهر عشرات من قصاصات الجرائد والمجلات، وصور مأخوذة من المواقع وغير ذلك من ملفات الفيديو على اليوتيوب وغيرها، وكل طرف يصعد ضد الآخر، وكل من له في الحدث ومن لا علاقة له به دخل في المعمعة، أو أقحم فيها، مرة تصريح منسوب لفنانة عربية لا هي مصرية ولا هي جزائرية، تؤيد فيه أحد الطرفين، فيرد بعض الأفراد والصحفيين بالمطالبة بمقاطعتها وما إلى ذلك من هذا الهراء، . . . . . المهم أنك لو ابتعدت عن الصورة قليلاً ونظرت إليها من مسافة مناسبة فستظهر لك حقيقة واضحة، أن ملايين الشباب هنا وهناك لم يكن لديهم ما يشغلهم سوى هذه المباراة.

ثانياً: فضحت هذه المبارة الصحافة والإعلام من الطرفين، وإن كان الإعلام الجزائري (أو بعض مصادره على الأصح) قد تفوقت على الإعلام المصري في السقوط إلى الهاوية، ولم أعلم حدثاّ نشرت حوله الأخبار الكاذبة بهذا القدر منذ زمن بعيد، ومن الغريب أن بعض هذه الأخبار كان مفضوح الكذب ولا فائدة ترجى من نشره، لأنه لا يخدم أي أحد ولا حتى وقتياً، ومن هذا القبيل كان خبر تصريحات الرئيس الفرنسي التي افتكسها شخص ما على أحد المنتديات ونقلتها عدة مصادر بل ونسب البعض الخبر لنفسه، وثارت ضجة حول الموضوع، وأخذ الناس في التندر على مثل هؤلاء المخابيل الذين ينقلون مثل هذه الأخبار المفبركة دون بذل أي جهد للتحقق منها، بل ونسبتها لأنفسهم بدون حتى الإشارة إلى مصادرها الأصلية ليحموا أنفسهم من تبعات عدم صحة الخبر.
وبمجرد فوز مصر على زامبيا وظهور تأجيل الحسم إلى مباراة القاهرة بدأت التساؤلات عن ماذا سيكون الموقف لو وصل الفريقان إلى التعادل التام في كل شيء، ولم يعرف أحد الإجابة يقيناً، وحاول بعض اإعلاميي القنوات الرياضية الوصول إلى قواعد الفيفا في مثل هذه الأحوال ، وبدأ هناك من يقول تحتسب نتيجة مباراتي الفريقين مع بعضهما بقاعدة الهدف على ملعب المنافس بهدفين، وآخر يقول القرعة، وثالث يقول مباراة فاصلة، وهذا يدعي أن مصدره موقع الفيفا، وهذا ينسب الكلام لمسئول في الاتحاد الدولي، ويظهر خبر على أحد المواقع الرياضية عن أن الكاف قد حسم الأمر منذ أكثر من شهر بإقامة مباراة فاصلة على أحد الملاعب في ألبانيا، والطريف أن كاتب الخبر المذهل أخذ يتفنن في كيف أن أحد المهندسين التابعين للكاف هو من اختار هذا الملعب بعينه لأنه يقع على مسافة متساوية مع كل من القاهرة والبليدة، ويسخر أخونا من تخبط الرياضيين وجهلهم بهذه المعلومة (وكأنها معلومة من الدين بالضرورة)، بل ويطالب القراء بالبحث عن الخبر على موقع الكاف ووكالات الأنباء العالمية، وينتشر الخبر على عشرات المواقع، ولم يحاول أحد التحقق من صحته، كل الحكاية (كوبي آند بيست)، وبحثت عن الخبر فلم أجد له أثراً، وحاولت الوصول إلى المصدر الأول له لكن لم أفلح في ذلك ولم أهتم كثيراً، وتوقعت أن المسألة ستكتشف سريعاً ويعود أصحاب المواقع لإزالته والاعتذار عن ذلك، ولكن يظهر في بعض القنوات من يؤكد الخبر وينشر صورة للمهندس المزعوم، بل ويأسف لصغر سعة الملعب المشار إليه، وما لبث الأمر أن اتضح أن الاتحاد الدولي أرسل لاتحادي مصر والجزائر لاقتراح أماكن لاختيار أحدها للعب المباراة الفاصلة إذا دعت النتيجة لذلك، إذن كان الخبر الأول غير صحيح أيضاً، وبدأت الأخبار تتوالي من هنا وهناك ولا أحد يتحقق من شيء، والكثيرون يتسابقون نحو الفبركة والاختراع، فكل جريدة تريد أن تزيد مبيعاتها، وكل موثقع يريد أن يزداد عدد المترددين عليه، ولا أحد يراعي أصول المهنية المفترضة، حتى وصل الأمر إلى اختلاق خبر مقتل مشجعين جزائريين على أيدي الجماهير المصرية، وما تبع ذلك من أحداث متتاية ومتسارعة أدت إلى ما وصلنا إليه للأسف، وهذه الأخبار المختلقة هنا وهناك بقدر ما تحط من قدر الذين ساهموا في تأليفها ونشرها، فهي أيضاً تفضح كل من سلم بها وبنى عليها رد فعله دون أن يتروى ليتحقق من الخبر قبل أن يشرع في نقله على مدونته أو منتداه أو الرد عليه وقبل أن يقرر أن يتصرف على أساسه، ويكشف أننا - أي مصر والجزائر ومعنا كل العرب للأسف - شعوب تغلب عليها السذاجة والإمعية ، وكفاية كده علشان ما نقعش في الغلط، بس نصيحة للجميع العمل بالمثل الياباني الذي يقول: إذا كنت تصدق كل ما تقرأ فمن الأفضل ألا تقرأ.

ثالثاً: عرفت من هذه الأحداث أنه بالنسبة للكثيرين أسهل شيء ممكن أن تعمله لتدعم رأيك أو موقفك في أي مناسبة أو موقف هو التلفيق، انت متضايق من واحد ممكن تيجي جنبه وتقول آي ضربني وكان عايز يموتني، وما فيش مانع تعور نفسك أي تعويرة علشان تعمل منظر قدام الناس علشان يصدقوه، وهو ده اللي حصل في أغلب المواقف اللي شهدتها الأحداث، مع استثناءات قليلة تم استغلالها وتضخيمها بشدة، ولا أخفي أنني صدمت مبدئياً لعدد الفيديوهات الملفقة التي رأيتها عندما دخلت على اليوتيوب، وحتى التلفيق وصل لعناوين الفيديوهات، مثلاً تلاقي واحد حاطط فيديو عنوانه شاهد اعتداءات الجزائريين على المصريين، وتفتح تلاقي مشجعين مصريين بيشتموا الجزائر، وكذلك العكس، وفي هذه النقطة أيضاً أشهد بالبراعة للأخوة الجزائريين الذين تفوقوا علينا في هذا المجال أيضاً، وكان من السهل اكتشاف تلفيق أكثر الفيديوهات لو نظرت إليها بعيد ناقدة أو تقمصت شخصية مفتش مباحث مثلاً.

رابعاً: سيادة ثقافة ركوب الموجة على أغلب المشاهير سواء من الإعلاميين أو الرياضيين أو الفنانين بل وبعض السياسيين، يعني من الآخر لقيتوا الناس متضايقة وغضبانة من أحداث السودان ومن الهزيمة وضياع الحلم اللي كانوا مستنيينه، فبدأتم في الهجوم على الجزائر وجماهير الجزائر، وكل واحد يطلع يتكلم عايز يظهر إنه هو الأكثر وطنية، فبدأت الأفكار المجنونة كلها تطلع، واحد يقول نقطع العلاقات، والتاني يقول نطرد السفير، وتحول الأمر إلى مزاد لحد ما وصل الأمر بواحد مذيع كان شكله عاقل بس طلع فعلاً مجنون، لدرجة إنه قال ناخد الجزائريين الموجودين في مصر رهائن لحد ما نطمئن على سلامة المصريين اللي في السودان والجزائر، و غيره طلب بإرسال قوات كوماندوز للسودان لتحرير المحتجزين المصريين هناك، ولوكان عندنا سلاح نووي كان هناك من سيطالب بإلقاء قنابل نووية على الحزائر، وبدا كأن الجميع أصيبوا بالجنون، واستمر هذا المزاد طويلاً وحرص كل مقدم برنامج على أن يكون برنامجه هو الأبرز في الهجوم على الجزائر، والمطالبة بالتحرك وكفاية كده ، وخلاص ماعادش ينفع نسكت، وأهم حاجة في الدنيا كرامة مصر، وأصبح كل من يقول نتكلم بالعقل ياجماعة ، أو اهدوا شوية، أو يا جماعة ماينفعش كده، كل واحد يقول حاجة كده بقى هو الخائن، اللي ما بيهموش بلده أو اللي باعها وقبض الثمن، وغير ذلك من مفرادات القاموس إياه، ولم يقف ركوب الموجة عند التصريحات والمقالات فقط، بل وصل إلى حد الاعتذار عن تنظيم بطولة افريقية لكرة اليد ستقام في فبراير القادم - على ما أظن - بسبب وجود منتخب الجزائر بها، برغم ما في ذلك من احتمال التعرض لعقوبات، وانتقاص من سمعة مصر الدولية، ولا أدري هل صدرت قرارات أخرى هوجاء من هذا القبيل أم لا لأنني لم أتابع الصحف جيداً منذ فترة، ومن الطريف أنه في ظل ركوب الأمواج وغناء كلٍ على ليلاه قيل الكثير من الكلام المتناقض، المعارضين يقولوا لك ولاد الريس سابوا المصريين بينضربوا وهربوا على أول طيارة، والتانيين يقولوا إنهما رفضوا يسافروا إلا لما اطمأنوا على تأمين المصريين في السودان وكمان خدوا عدد كبير منهم معاهم على الطيارة، وناس يقولوا الجزائريين دول مش عرب، دول بربر، دول أمازيغ، دول مابيعرفوش يتكلموا عربي، وناس تانية (بتوع الاحتلال العربي لمصر) تقول شفتم ، هما دول العرب الهمجيين الدمويين بانوا على حقيقتهم، وكل واحد حاول يستغل الموضوع بما يخدم مصلحته.

خامساً: سقوط الأقنعة عن الكثير من الوجوه التي كنت أحسبها عاقلة ورزينة ، ولم أكن بالضرورة أحبها ولكن كنت أكن لها بعض الاحترام، فقد وصل بهم الأمر إلى تجاوز كل الحدود والإساءة إلى شعب بأكمله، واستخدام ألفاظ نابية والمعايرة وتهييج الجماهير بطريقة حقيرة، وللأسف أكثر هؤلاء من المصريين، وهذا يقودنا إلى سادساً.

سادساً: ماذا نعرف عن الجزائر؟ بالنسبة لأكثر جيل الشباب ممن هم أغلب جمهور الكرة، كل ما نعرفه عن الجزائر هو أنه فريق كرة قدم، وربما نعرف اسم فنان أو اثنين من الجزائرونجد صعوبة في فهم لهجتهم مع أنهم يتكلمون العربية، لكن هل نعرف شيئاً غير ذلك عنهم، أراهن أن أكثر الشباب الذين اندفعوا إلى الشوارع يحملون الأعلام والطبول ويلونون وجوه المارة بألوان علم مصر قبل وبعد مباراة القاهرة، أراهن أن أكثر هؤلاء لا يعرف ما هي عاصمة الجزائر، ولا ما هي عملتها، فضلاً عن أن يعرف أهم نشاط اقتصادي فيها، ما هي أهم مشاكلهم الاجتماعية، كم واحد من هؤلاء يستطيع أن يذكر اسم عالم جزائري، أو شاعر أو أديب جزائري، وربما لا يعرف البعض مكانها على الخريطة، وهذا الجهل المشين كان أحد العوامل التي أدت لتضخم هذه الأحداث، فمعظم المصريين لا يعرفون سوى أن الجزائر فريق كورة، وهذا الفريق دائما ما يستفزنا بلعبه الرذيل، وكمان جمهورهم ضرب جمهورنا أو حاول الاعتداء عليه بالأسلحة البيضاء، فالنتيجة المنطقية لمجموع هذه المعطيات هي أن الجزائر شر مطلق، وهي الشيطان الرجيم في صورة بلد.

يكفي هذا القدر الآن وربما أستكمل الحديث لاحقاً.

Wednesday, October 21, 2009

طريقة حل مكعب روبيك . . الجزء الأول


لاحظت من خلال خدمة التتبع التي يقدمها موقع
http://feedjit.com
والتي تظهر كيف وصل الزوار إلى مدونتك ، لا حظت من خلال هذه الخدمة أن الكثيرين يصلون إلى مدونتي عن طريق إدخال كلمات البحث طريقة حل مكعب روبيك أو المكعب السحري وما إلى ذلك، ويقودهم سي جوجل إلى تدونيتي عن مكعب روبيك هنا، وهذا يتكرر بصورة شبه يومية، لذلك أشفقت على هؤلاء من أن أردهم خائبين ولا أقدم لهم طريقة الحل وخصوصاً أنهم لم يكونوا ليصلوا لمدونتي المتواضعة لو كان هذا الحل منتشراً في المنتديات العربية التي أغرقت الشبكة العنكبوتية،

بداية يجب أن نعرف أن هناك طرق كثيرة جداً لحل هذا المكعب المعروف بمكعب روبيك أو المكعب السحري، ويجب أن نعرف أيضاً أن الحل لا يتم اعتباطاً أو بالتفكير العشوائي المجرد، يجب أن يكون لديك استراتيجية للحل، وما سأقدمه هنا هو الاستراتيجية الأكثر شيوعاً لتعليم المبتدئين، مع بعض الإضافات والتعديلات الطفيفة التي تسهل عملية الحل وتزيد من سرعة الوصول إلى الترتيب الصحيح.

بداية تعالوا نتعرف على رموز الحركات لهذا المكعب:

أمسك المكعب وضعه أمامك
للمكعب 6 أوجه، وكل وجه يتحدد لونه بلون المربع الذي في منتصفه،

الوجه المواجه لك يسمى
Face
والمواجه لأعلى يسمى
Up
والمواجه لأسفل يسمى
Down
والمواجه لليمين يسمى
Right
والمواحه لليسار يسمى
Left
أما الوجه البعيد عنك يسمى
Back

نأتي لرموز الحركات

ويرمز لحركة دوران الوجه في اتجاه عقارب الساعة بأول حرف من اسمه

فإذا قمت بتحريك الوجه الأيمن في اتجاه عقارب الساعة يرمز لحركتك بالرمز
R

أما إذا كان الدوران عكس عقارب الساعة فيضاف للرمز

فتصبح
Ri
(i من inverted)

وكذلك بقية الحركات

L, Li, F, Fi, B, Bi, U, Ui, D, Di

للاحظ إن الحركة الموصوفة هي حركة الوجه كاملاً ربع دورة (يعني 90 درجة) مع ثبات باقي أجزاء المربع

لحد هنا مفهوم

الوجه الواحد يتكون من 9 مربعات

مربع الوسط الذي يحدد لون الوجه

وأربعة مربعات في الأركان

وأربعة مربعات في الجوانب



ويجب أن تلاحظ أن كل مربع جانب يشترك مع مربع جانب آخر في الوجه المجاور له، فلكي تكون الجانب في الوضع السليم يجب أن يكون مربع الجانب الملاصق له في الوجه المجاور في الوضع السليم أيضاً،

وكل مربع ركن يشترك مع مربعي ركن في الوجهين المجاورين له، ولكي يكون مربع الركن في الوضع السليم يجب أن يكون مربعي الركن الملاصقين له في الوجهين المجاورين في الوضع السليم أيضاً.

ونبدأ بخطوات الحل:

يجب أن تعرف أن وضع خطوات معينة للحل الهدف الرئيسي منه هو أن تتكمن من وضع القطع في أماكنها الصحيحة بدون أن تفسد ترتيب ما سبق ترتيبه.

بداية تركز كل استراتيجيات الحل بالنسبة للمبتدئين على تقسيم المكعب إلى ثلاث طبقات أو طوابق، وحل كل طابق على حدة، وهذا ما سنستخدمه مع بعض التحوير البسيط، فنبدأ بحل الوجه العلوي للمكعب، والبداية تكون بوضع جميع الجوانب في وضعها السليم، حتى نحصل على ما يسمى بالصليب الصحيح
thg right cross

وهو المبين بالشكل التالي



ويجب أن تلاحظ كما أسلفنا أن كل مربع جانب في الوضع الصحيح، فالجانب الأبيض/أحمر موضوع بحيث الأبيض في الوجه الذي وسطه أبيض والأحمر في الوجه الذي وسطه أحمر،
وليس هناك طريقة محددة للحصول على هذه النتيجة، لأن المكعب أصلاً لا يوجد به مربعات مرتبة وبالتالي لا يوجد خوف من أن تفسد ترتيب أي شيء،

ولكن عموماً يمكن الاستفادة من بعض النصائح لبعض الأوضاع كالتالي:

- إذا وجدت أن مربع الجانب المطلوب في الوجه السفلى فيمكنك إدارة الوجه السفلى حتى يصبح المربع الملاصق له في الوجه الصحيح، ثم أدر هذا الوجه 180 درجة،
مثال:


في هذا الشكل يمكنك تصحيح وضع الجانب أحمر/أزرق بتدوير الوجه الأزرق (أي الذي وسطه أزرق) 180 درجة لتحصل على
وبالطبع لا نحتاج لأن نذكر أنك لن تجد المربع الأزرق (من الجانب أحمر/أزرق) موجوداً في الوجه الأزرق في كل مرة، ولكن يمكنك تحريكه إلى هذا الوضع بتدوير الطبقة السفلى كما تريد.

- أما إذا وجد المربع المنشود في |أحد الأوجه الجانبية فعليك بالآتي:

إذا كان المربع المنشود في الوجه الجانبي ويقع في الطبقة السفلى فيمكن إدارة الوجه السفلي حتى يصبح المربع حتى يصبح المربع المطلوب في أحد الوجهين الجابيين عن يمين أو يسار الوجه الذي له نفس لون المربع الملاصق له كما في الشكل


وعندها يمكن أن نقوم بوضع المربع المطلوب في وضعه الصحيح بواسطة الخطوتين التاليتين،


لاحظ أنه في بعض الأحيان ستتسبب الخطوة الأولى في تغيير وضع أحد المربعات الجانبية التي تم ترتيبها بالفعل، فيلزم حينها إضافة خطوة ثالثة هي عكس الخطوة الأولى، وذلك حتى يستعيد ذلك المربع مكانه مرة أخرى،
مثال:



عموماً كما أسلفنا لا توجد طريقة محددة للحصول على الصليب الصحيح لأن الأوضاع كثيرة وأيضاً لا توجد مربعات أخرى مرتبة وبالتالي لا خوف من إفساد ترتيب أي شيء، ويمكنك تغيير أي وضع سيقابلك إلى أي من الوضعين السابق شرحهما بخطوة أو اثنتين على الأكثر، وغالباً لن تحتاج إلى ذلك بعد الحصول على خبرة التعامل مع مكعب روبيك لمدة نصف ساعة فقط،


ها قد حصلنا على ما يسمى الصليب الصحيح، فانكمل إذاً بقية مربعات الطبقة العليا وهي الأركان

يجب أن تضع مربعات الأركان في وضعها الصحيح أيضاً، بحيث يقع كل من المربعين الملاصقين لمربع الركن في الوجه المماثل له في اللون، كما بالشكل،



إذاً عليك أن تجد مربع الركن المطلوب أولاً وذلك بمعرفة لوني المربعين المشتركين معه في نفس القطعة، ثم تضع هذا الركن أسفل الوضع المطلوب وضعه فيه،


ثم تبدأ الخطوات الثلاث التالية،

لتحصل على هذه النتيجة:

ولكنك قد تجد مربع الركن المطلوب في الوجه السفلي، فعدها يلزم القيام ببضع خطوات إضافية لتجعله في أحد الأوجه الجانبية، ثم تستخدم الخطوات السابقة لنقله إلى أعلى، وهذه الخطوات الإضافية هي كالتالي:





لنحصل على:

وبعدها يمكن أن نضعه في مكانه الصحيح بالطبقة العليا بالطريقة السابق شرحها.


أحياناَ تواجهنا مشكلة أخرى هي وجود مربع الركن في أحد الأركان العلوية (سواء بالوجه العلوي أو أحد الأوجه الجانبية) ولكن في غير موضعه، وحل هذه المشكلة بسيط ويتمثل في استخدام نفس الخطوات المشروحة سابقاً لرفع أي مربع آخر مكانه، فينتقل آلياً المربع المطلوب إلى الصف السفلي ونتعامل معه كما تعلمنا.


ثم يمكن عندها نقلها إلى مكانه بالوجه العلوي كما سبق أن وضحنا، وبتكرار هذه العملية في كل الأركان نكون قد أتممنا ترتيب الطبقة العليا من المكعب، وبهذا ينتهي الجزء الأول من طريقة الحل، لاحظ أننا لم نستخدم الرموز حتى الآن، فقط الرسوم التوضيحية


تحديث:

الجزء الثاني من الحل هنا



Monday, October 12, 2009

أخطاء لغوية شائعة


ظاهرة الأخطاء الإملائية أصبحت فوق الوصف، حيث انتشر الجهل باللغة العربية وأصول كتابتها (لا أقول إعرابها) بين الناس والكثير منهم من ذوي المؤهلات العليا وربما في تخصصات وثيقة الصلة باللغة العربية، بعض هذه الأخطاء قد نعذر أصحابها لشيوعها حتى صارت القلة فقط تعرف أنها خطأ، (مثل الكتابة الياء في نهايات الكلمات ألفاً مقصورة "ى")، وبعض هذه الأخطاء مستفز لدرجة كبيرة حتى لو وقع ممن لم يحصل سوى على شهادة محو الأمية ( مثل الخلط بين حرفي الزاي والذال في الكتاية)، ومن العوامل التي تساهم في انتشار الأخطاء الإملائية في مصر هي ضعف تدريس قواعد الإملاء لدينا، وضعف تدريس اللغة العربية عموماً،، فنحن نتحدث في مدارسنا باللغة العامية المصرية وليس بالفصحي، مما يؤدي إلى أن تصبح اللغة العربية لدينا مثلها مثل اللغة الأجنبية، بينما أذكر أنه أثناء دراتي في المرحلتين الابتدائية والإعدادية في الرياض أن جميع المدرسين مهما كانت جنسياتهم لا يتحدثون في الفصل بغير الفصحي - باستثناء بعض المدرسين المصريين - فكانت اللغة الفصحى هي اللغة الأكثر استخداماً في حياتنا اليومية، وبسبب هذا الضعف التعليمي لدينا يلجأ البعض - حتى من غير المسلمين - إلى تعلم القرآن الكريم لكي يصقل لغته العربية، وهذا رغم فائدته العظيمة ليس يكفي، كما أن وجود بعض الاختلاف بين رسم المصحف و الكتابة العربية الحديثة يوقع في بعض الأخطاء الإملائية إذا لم ينتبه المتعلم إلى وجود هذا الاختلاف.

وأردت هنا أن أللقي الضوء على بعض الأخطاء الشائعة فإليكم شيئاً منها:

1- كتابة التاء المربوطة هاءً: وهذا من الأخطاء الشائعة جداً، وبالطبع يمكن أن يغير معنى الكلام، ولكن في معظم الأحوال يفهم المقصود من السياق
هناك فرق بين كره (أي بغض) وكرة وهي الشكل الهندسي المعروف
وكذلك بين أميره وأميرة
فالأول مذكر مضاف إلى الهاء ضمير الغائب، والثانية مؤنث
ورغم انتشار هذا الخطأ وشيوعه إلا أن العكس (أي كتابة الهاء تاءً مربوطة) قليل الحدوث

2- كتابة الياء في نهاية الكلمة ألفاً مقصورة: وهو خطأ شائع جداً أيضاً، حيث يهمل الكثيرون كتابة النقطتين تحت حرف الياء لتمييزها من الألف المقصورة، والعجيب أنني لاحظت الكثيرين يهملون ذلك عن عمد حيث أنهم لا يقعون في هذا الخطأ عندما تكون كتابة النقطتين ضرورية لتشابه الكلمة مع أخرى منتهية بالألف المقصورة، فتجده لا يخطئ عند كتابة (علي) لئلا تتشابه مع حرف الجر (على)، ولكنه يهمل ذلك إذا كان احتمال الخلط غير وارد مثل أن يكتب (بطولة الدورى)، وكثيراً ما أجد ذلك في كتابات الصحف، وهذا من الأخطاء الناتجة عن تعلم الإملاء من رسم المصحف الكريم حيث أن المصحف لا يوضع فيه نقاط تحت الياء في آخر الكلمة إذا كانت ياء مد وليست ساكنة، بينما يميز المصحف الألف المقصورة بوضع ألف صغيرة على شكل رقم (1) فوقها، وهو ما يختلف عن الكتابة العربية الحديثة.

3- الخلط بين حرف وآخر: وهو من الأخطاء المستفزة والمستهجنة، حيث أنه لا يعني الجهل بقواعد الكتابة والإملاء، ولكن الجهل بأبجديات اللغة ذاتها، ومن أكثر أمثلته شيوعاً الخلط بين حرفي الزاي والذال، وللأسف يشيع هذا الخطأ في الكثير من المكاتبات الحكومية، وكذلك في المنتديات على شبكة الإنترنت، ومن أمثلته المشهورة (غياب بدون عزر) و (مذيل عرق)، ومما يضاعف الاستفزاز وقوعه ممن يكتبون على الكومبيوترلأن مكان حرف الذال على لوحة المفاتيح متطرف وغالباً ما يجد المبتدئون صعوبة في إيجاده، مما يعني أن من يكتبه يكتبه وعنده إصرار ويقين أن ما يفعله هو الصواب.
ويقع أحياناً الخلط بين الهاء في نهاية الكلمة وحروف المد، ومما ساعد على كثرة وقوع هذا الخطأ انتشار الكتابة باللهجات العامية في مواقع المنتديات والدردشة والرسائل الإلكترونية.

4- الخطأ في همزة الوصل وهمزة القطع: حيث تكتب همزة الوصل على صورة حرف الألف بدون همزة (ا) بينما تكتب همزة القطع على صورة حرف ألف مع همزة أعلاها أو أسفلها حسب حركتها (أ أو إ) ، ولتمييز همزة الوصل من القطع هناك قواعد معروفة في كتب النحو والإملاء، ولا مجال لتفصيلها هنا، ولكن هناك الطريقة السهلة هن طريق إضافة حرف الفاء أو الكاف قبلها ونطق الكلمة، فإذا نطقت الهمزة كانت همزة قطع، وإذا لما تنطق كانت همزة وصل، ولكن هذه الطريقة صعبة بعض الشيء على المبتدئين ومتعلمي العربية من غير العرب، مثال لهذا : (فافعل) للأمر تجد أن همزو (افعل) لم تنطق فهي همزة وصل، وأيضاً: (كأحسَن) تجد أن همزة (أحسن) نطقت فتكون همزة قطع.
ومن الاستثناءات الطريفة التي تخفى على الكثيرين في هذه النقطة استثناءان هما:
- همزة كلمة (الإثنين) إذا أريد بها يوم الإثنين تكون همزة قطع، أما إذا أريد بها العدد تكون همزة وصل.
- لفظ الجلالة (الله) يبدأ بهمزة وصل إلا إذا أتى بعد أداة النداء (يا) تصبح همزة قطه وتكتب: (يا ألله).

5- الخطأ في كتابة الألف بعد واو الجماعة: يسهو البعض عن كتابة الألف بعد واو الجماعة في الفعل المنتهي بواو الجماعة مع حذف نونه، مثل: (كانوا، لن يلعبوا)، والأقبح منه هو إضافة ألف بعد واو أصلية في الفعل، أو بعد واو جماعة في اسم، مثل: (يرجو محمد أن ينصفه محكمو المسابقة).

6- ومن الأخطاء الساذجة (وإن كانت خطأ ً في النطق لا الكتابة) نطق الألف الزائدة في كلمة (مائة) ومركباتهما مثل (خمسمائة) فهي ألف زائدة لا تنطق.

7- من الأخطاء التي تخفى على البعض أيضاً الخطأ في كتابة الاسماء الموصولة، والصواب فيه هو كتابة الاسم الموصول للمفرد (الذي و التي) بلام واحدة، وكذلك للجمع المذكر (الذين)، أما باقي الأسماء: المثنى (اللذان واللتان واللذين واللتين)، والجمع المؤنث (اللاتي واللائي واللواتي) فتكتب بلامين، وقد يحدث اللبس عند دخول اللام على هذه الأسماء فتكتب بلامين سواء كانت في الأصل بلام واحدة أو اثنتين، ولكن يفهم المقصود من السياق، مثال ذلك: (سوف تمنح الجائزتان للذين يستحقانهما) فهنا يفم من السياق أن (للذين) هي للمثنى وتنطق بفتح الذال حتى وإن لم تكتب مشكولة.

8- من الأخطاء شائعة الحدوث أيضاً كتابة الخطأ في حذف أو إثبات الألف في كلمة (ابن)، وفي هذا تفصيل:
- الصواب هو حذف الألف فقط إذا كانت مفردة تفيد نسبة شخص إلى أبيه مع وجوب أن يكونا علمين، وألا يفصلها شيء عما قبلها أو بعدها، مثل:
أحمد بن حنبل
ولا تحذف الألف إذا حدث انقطاع لأي سبب ، كأن تجيء في كلمة (ابن) في أول السطر أو آخره، أو إذا جائت صفة، مثل: (سألني المدرس ابن من يوسف، فقلت: يوسف ابن يعقوب)، فهنا تثبت لأنها أتت للصفة، ومن المواضع التي تثبت فيها دائماً هي (عيسى ابن مريم) فلا تحذف مطلقاً، وما ينطبق على (ابن) للمذكر ينطبق على (ابنة) للمؤنث، فيقال:
(روت عائشة بنة أبي بكرعن الرسول الكريم)

أكتفي بهذا القدر الآن، ولا يفوتني هنا أن أشكر الفضل لأساتذتي الأفاضل في اللغة العربية في مراحل التعليم المختلفة، في مدرسة المربع الابتدائية بالرياض، والمدرسة المتوسطة الثانية بالرياض، وأخص بالذكر منهم من كان لهم أكبر الفضل علي الأساتذة: إبراهيم الشثري، وإبراهيم عمران، ومحمد غنيم ،ومحمد خليل، وأشكر أيضاً أستاذاً فاضلاً لم أقابله أو ألتقى به ولكن قرأت له مؤخراً كتاباً جميلاً ساعدني في إنعاش الذاكرة وتذكر الكثير من القواعد التي كدت أنساها لقلة استخدامها، هذا الرجل هو الأستاذ حسني شيخ عثمان، فله مني جزيل الشكر والثناء.

Sunday, October 11, 2009

كلام الدكتور محمد سيد طنطاوي رداً على شيخ الأزهر

أثار كلام شيخ الأزهر عن النقاب مؤخراً الكثير من الجدل، وقد انبرى الكثير من مشايخ السلفبة وغيرهم للرد على تجاوزات شيخ الأزهر وكلامه عن النقاب، وقد استضافه برنامج البيت بيتك ليحاول تبرير كلامه وتجميل صورته


ومن أجمل ما قرأت من الردود ما كتبه موقع صوت السلف هنا وأقتبس بعضه
"

وقد وجدت أن أفضل تعليق على تلك المناظرة غير العادلة هو أن أستعين بكتب شيخ أزهري يُدعى الدكتور "محمد سيد طنطاوي" كانت رسالة الدكتوراة الخاصة به عن اليهود، وله تفسير ميسر للقرآن ولحسن الحظ أنه يدرَّس في المعاهد الأزهرية يسمى بـ"التفسير الوسيط"، ومما جاء فيه في تفسير قوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) ما يلي:

"وقال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر، بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك، (ما ظهر) على هذا الوجه مما تؤدى إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه.

قلت -أي القرطبي-: وهذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما، عادة وعبادة، صح أن يكون الاستثناء راجعا إليهما.

يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة، أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال : (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا) وأشار إلى وجهه وكفيه.

وقال بعض علمائنا: "إن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك ".

هذا، وفى هذه المسألة كلام كثير للعلماء فارجع إليه إن شئت." انتهى كلام الدكتور طنطاوي.

وقال الدكتور طنطاوي في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) (الأحزاب:59) :

"وقوله: (يُدْنِينَ) من الإِدناه بمعنى التقريب، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعلى. وهو جواب الأمر، كما في قوله تعالى: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (إبراهيم:31) والجلابيب:جلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن، تلبسه المرأة، فوق ثيابها.

والمعنى: يأيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك، وقل لبناتك اللائي هن من نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن : إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما، من رءوسهن إلى أقدامهن، زيادة في التستر والاحتشام، وبعدا عن مكان التهمة والريبة." انتهى كلام الدكتور طنطاوي."
ولمن أراد التحقق من هذا الكلام فييمكنه أن يشتري الكتاب المذكور أو يستعيره من أحد طلاب الأزهر أو يمكنه الاطلاع عليه هنا، وهنا

رداً على هاني هلال

قرأت منذ عدة أيام في إحدى الصحف عن قرار لوزير التعليم العالي يمنع فيه تسكين الطالبات المنتقبات في المدن الجامعية، وقد تم بالفعل تنفيذ القرار في عدة جامعات، وخرجت بعض المسيرات الاختجاجية في بعض الجامعات احتجاجاً على قرار الوزير، وتم استضافة الوزير بالأمس في برنامج البيت بيتك لتبرير القرار والدفاع عنه، وللأسف لم يتسن لي مشاهدة الحوار كاملاً ولم أشاهد سوى جزء بسيط جداً من الحوار قرب نهايته، حيث ذكر مقدم البرنامج محمود سعد أن هناك مظاهرات خرجت فيها الطالبات للاعتراض على القرار، فهب الوزير فجأة وقاطعه قائلاً: "تعرف منين إنهم طالبات؟"، ملمحاً إلى احتمال كونهم رجال متخفيين في زي المنتقبات، ولطرافة وظرف الحجة التي ذكرها السيد الوزير المبجل أردت أن يكون الرد بنفس القدر من الطرافة والظرف فإليك يا سيادة الوزير هذا السؤال: من بين الصور التالية اعرف أيها لرجال وأيها لنساء:
1

2

3

4

5

6

7

8

9

وهذه الصورة منقولة من أحد المنتديات علشان ما تطالبنيش أنا بالجايزة وإن كنت عارف مقدماً إنك مش هتعرف تجاوب صح


وننتقل الآن للرد الجدي،
ما فهمته مما دار من حوار وتصريحات عبر صفحات الصحف أن الدواعي لهذا القرار تتلخص في ما يلي:

أولاً: أنه لا ضرورة حتى بالنسبة للمنتقبات لارتداء النقاب النقاب داخل المدينة الجامعية للطالبات حيث أن كل المتواجدين بداخلها هم من الطالبات أو المشرفات أو العاملات، وبالتالي فلا يوجد مبرر للبس النقاب.

ثانياً: أن النقاب يمكن أن يتستر خلفه من يريد الدخول إلى المدينة لأي غرض كان، وقد دلل حضرته بأن هناك 15 حالة تم ضبطهم لدخول شباب إلى المدينة الجامعية للطالبات متسترين بالنقاب.

ثالثاً: أن النقاب أصلاً ليس بواجب ولا مستحب بل هو مجرد عادة سيئة ليست من الدين في شيء كما قال شيخ الأزهر منذ أيام (وإن كان قرار الوزير سابقاً على تصريحات شيخ الأزهر).

والرد على هذه الحجج سهل جداً ودعونا نفندها واحدة واحدة:

أولاً: ليس هناك عاقل يعترض على هذه الحجة، بل إنني أؤيده بشدة فيها، بشرط توخي الدقة الشديدة في جانب التطبيق، بحيث يكون بالفعل كل العاملين بالمدينة من السيدات، وكل هنا بالمعنى الحرفي ، يعني لو كان عدد العاملين في المدينة 700 مثلاً يجب أن يكون الـ700 من السيدات ولا يقبل أن يكون منهم 699 سيدة ورجل واحد، وأنا أجزم أن هذا غير متحقق على أرض الواقع، حيث أن هناك تصريحات لبعض الطالبات المنتقبات بأن المشكلة تتمثل في وجود عمال رجال بالمطعم وهو ما يحتم عليم ارتداء النقاب في مناطق تواجد هؤلاء الرجال وهو ما لم يعجب سيادة الوزير، ولا تنسى أيضاً وجوب وجود سواتر بحيث لا يمكن لأي شخص خارج المدينة، وعند تحقق هذه الشروط يجب عليك (وليس الأمر اختيارياً هنا) منع ارتداء النقاب داخل مدن الطالبات كما همو الحال داخل كل مدارس البنات في السعودية مثلاً، حيث أن هذه الشروط متحققة هناك وبالفعل ممنوع تغطية الوجه داخل مدارس البنات سواء للطالبات أو المدرسات.

ثانياً: الحجة الثانية هي حجة على الوزير وليست له، لأن حدوث مثل هذا الشيء معناه أن هناك تقصير في قيامه بواجباته هو وموظفيه، ومعناه أن المدن الجامعية أصبحت شارعاً يدخل إليه أي أحد بدون التحقق من شخصيته والتأكد من أنه مسجل بالمدينة الجامعية، سواءً كان شاباً أو فتاة، ولماذا لم يسمع أحد بتلك الحالات التي تم ضبطها كما يدعي وهل تم التحقيق معهم ومع المسئولين عن هذا التسيب أم لا؟، وهل تم عقابهم العقاب الرادع أم لا، فكل هذه التساؤلات يجب أن يجيب عنها الوزير وأي قصور في الجواب عن هذه الأسئلة يعني أن الوزير غير مؤتمن على الطالبات (المنتقبات والمحجبات والمتبرجات على السواء) وليس أهلاً لمنصبه، حتى وإن ادعى أن كل قراراته للحفاظ عليهمن، فالعبرة بالأفعال لا بالأقوال.

ثالثاً: وهذا نرد عليه في التدوينة القادمة بإذن الله.

عموماً هذه الحرب الحكومية المستعرة على النقاب لا تبشر سوى بشيء واحد فقط هو ازدياد انتشار النقاب في الفترة القادمة، وذلك أن هذه الحكومة الفاشلة على كل الأصعدة ما حاربت شيئاً إلا وهزمها وقهرها، وتذكروا حروبها الماضية المختلفة مثل حربها على الدروس الخصوصية، ثم على الفساد، ثم على انفلونزا الطيور.

ad