Sunday, December 27, 2009

استعادة الكرامة . . . . بوست بايت

كنت قد أعددت هذه التدوينة منذ أسبوعين استكمالاً للتعقيب على أحداث مباراة مصر والجزائر وتوابعها، ولكن حال عطل بجهاز اللابتوب الخاص بي دو نشرها وقتها، كما أنني قد انقطعت عن المدونة والانترنت عموماً لفترة بعد إصلاح الجهاز، وعدت اليوم لأتذكر أنني لم أنشرها، فقررت نشرها مع إضافة هذا التحذير: بوست بايت اقرأه على مسئوليتك



استعادة الكرامة

استكمالاً للتعقيب على أحداث مباراتي مصر والجزائر وتداعياتها، اتخذ الكثير ممن ظهروا في وسائل الإعلام المختلفة نغمة عدم السكوت على إهدار كرامة مصر ووجوب اتخاذ موقف، ومن أبرز الكلمات التي تكررت العبارة الشهيرة "كفاية بقى"، وغير ذلك مما سمعناه من هذا الهراء، ومعركة استعادة الكرامة المزعومة قد تتخذ أي صورة من هذه الصور:

1- الشكوى للفيفا: وهذا هو الغثاء بعينه، لأن الفيفا (من اسمه) هو منظمة تضم اتحادات كرة القدم في الدول الأعضاء، وبالتالي فإن كل ما يملكه هو كرة القدم وما يتعلق بها، فلن تخرج قراراته (إذا قرر معاقبة الجزائر أصلاً) عن غرامات مالية، أو حرمان الجمهور من حضور عدد من المباريات، أو حتى نقل المباريات خارج الأراضي الجزائرية، حتى لو وصل الأمر لتعليق عضوية الجزائر أو طردها من الفيفا (وهو مستحيل بالطبع)، فما الذي يرد للمصري اعتباره في كل ما سبق، الجواب هو لا شيء، كما أن شكوانا أصلاً ليست من مخالفات وقعت في أثناء المبارة أو داخل الملعب، ولكن من أحداث وقعت إما خارج المباراة وبعيداً عنها، أو على صفحات الجرائد ومواقع إلكترونية، وشاشات فضائية، وإذا أضفناإلى ما سبق النفوذ الأقوى للجزائر في الفيفا، وهزلية الملف المقدم من مصر، وفشلنا في تقديم أدلة دامغة على حدوث الاعتداءات، فإننا نعلم مسبقاً أن المحصلة في هذا الاتجاه لن تزيد عن صفر كبير.

2- المواجهة على الصعيد السياسي: وهو الموقف الذي يستبعده أي عاقل، لأن السياسيين لن يورطوا أنفسهم فيما يظنون أنه لعب عيال، وكذلك لأنه لا طائل من ورائه لأننا لا نملك نفوذاً خارجياً يمكننا من الضغط على الجزائر بأي وسيلة، فنحن لا نعطيهم معونة مثلاً، ولا نصدر إليهم سلعاً استراتيجية سيتأثروا بمنعها عنهم، وأقصى ما سنحصل عليه هو اعتذار بروتوكولي بارد (ده إذا حد عبرنا).

3- المواجهة على الصعيد القضائي: وأعتقد أن ها هو الحل الأفضل لكل من الطرفين، لأن ما معظم ما حدث يقع تحت مسميات يجرمها القانون، ويجب أن نتصدى لها بالقانون وفي ساحات القضاء، فمثلاً أحداث العنف التي حدثت ضد الجمهور المصري في السودان هي جريمة، ونشر الأخبار الكاذبة في وسائل الإعلام جريمة، وتلفيق الأدلة جريمة، والاعتداء على ممتلكات المصريين في الجزائرجريمة، وإحراز السلاح جريمة، وإلى آخر القائمة الطويلة من الجرائم ، ولكن قبل أن نلجأ لهذا الحل يجب أن ندرك شيئين مهمين، الأول أن إثبات هذه الجرائم يقع في مسئوليته على عاتق أجهزة الأمن في كل من مصر والجزائر والسودان، وكذلك على عاتق الضحايا من المصريين، والثاني هو أن ذلك يعرض بعض المصريين ومنهم شخصيات مشهورة كثيرة للوقوع تحت طائلة القانون، لوقوعهم في جرائم مشابهة، مثل ذلك المذيع الذكي الذي قام بالتحريض على الهواء مباشرة على ذبح الجزائريين المقيمين في مصر، وذلك الأذكى منه الذي قام بسب الشعب الجزائري ووصفه بالعديد من البذاءات (لقيط، حقير، متخلف ...إلى آخر القاموس)، فضلاً عن قيام بهض الشباب بالاتحرش بالجمهور الجزائري في مصر، أو محاولة الاعتداء على السفارة الجزائرية بالقاهرة، وبالرغم من هذه الصعوبات، فإنني منحاز بشدة إلى هذا الحل، لأن بالبلدي كده اللي غلط لازم يتربى، فنحن نحب أن نرى من اعتدى على اسم مصر في الصحف الجزائرية، أو أذاع أخباراً ملفقة هناك، نحب أن نراه خلف القضبان أو مكبلاً بغرامة مالية ثقيلة تقصم ظهره، و موقوفاً عن العمل الصحفي، وإثبات هذه الاتهامات لا يوجد ما هو أيسر منه، ولكن يجب أن نخوض هذه المعركة القضائية في الجزائر، وبالمثل لا أمانع أن يحاسب كل مصري قام بنفس العمل بالمقابل، لأن الحق أحق أن يتبع، بل أرى أنه لا بد من ذلك حتى يعلم من يقف أما ميكروفون ليتكلم أن كلامه محسوب عليه، وأن افتراءه بالباطل يعرضه للمساءلة، وكذلك أحب أن نقدم مسئولي ولاعبي المنتخب الجزائري للقضاء المصري بتهمة تلفيق الأدلة (في واقعة تحطيم الأتوبيس) وليحصل كل واحد على ما يستحق، ولو ثبت أن واقعة تحطيم الأتوبيس حقيقية وأن مسئولين مصريين متورطين في إخفاء آثار هذا الاعتداء فليقدموا هم أيضاً للمحاكمة وليلقوا ما يستحقون أيضاً، أما اعتداءات الجماهير من الطرفين فهذه تقع مسئولية إثباتها على عاتق أجهزة الأمن، وهي مهمة عسيرة إلى حد كبير، بسبب كثرة الأعداد وانتقال الآلاف المؤلفة من الجماهير من وإلى كل من مصر والجزائر والسودان في وقت قصير، ولكن قد يساهم انتشار التصوير والكاميرات خلال الأحداث في إثبات بعض الجرائم على بعض الأشخاص، ويجب أن يقدم كل من يمكن الوصول إليه من هؤلاء إلى المحاكمة.

والأهم هو أن نعلم أن المصريين هم أول من أهان كرامة مصر وأهدرها بادعاءنا أنها معركة كرامة دون أن نلاحظ أنها معركة خاسرة مقدماً بجميع الوجوه، وكذلك بقولنا "كفاية سكوت على إهدار كرامة مصر"، فهذا يستلزم أننا سكتنا على إهدار كرامتنا من قبل ولكننا مللنا من هذا السكوت فقلنا كفاية، واسمع لقول الشاعر:

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام

ونهين مصر أيضاً بأسلوب المعايرة الرخيص الذي اتبعه معظم الإعلاميين المصريين، فليس من خلق الكرام أن يمنوا على من أحسنوا إليه، هذا بفرض أن ما قدمته مصر للجزائر وغيرها من العرب كان إحساناً ولم يكن من قبيل تبادل وتداخل المصالح، وننسى أنه كما كان لمصر أفضال فعليها أيضاً أفضال، وأهنا مصر أيضاً بالمعايرة بالعاهرات والمجرمين والسكارى، وكأن مصر خلت من العاهرات والمجرمين والسكارى، فيجب على كل واحد أن يعقل ما يقول قبل أن تلفظ به، ويعلم أنه محاسب به في الدنيا قبل الآخرة، هذا بالنسبة لأي شخص عادي، أما من كانت صنعته الكلام، ولا يدري ما يقول فحري به أن يترك هذه المهنة ويريحنا من غثائه.

4 comments:

  1. والله يادكتور احداث مصر والجزائر تسارعت وتيرتها بشكل عامل زي الفتيل المشتعل وفجأة وانفجرت القنبلة .. بس للأمانه وعشان اكون منصفة الجانب المصري يتحمل الكثير والكثير مما حصل بين الشعبين .. الإعلام المصري لعب الدور البارز والأكبر في اشعال الفتنة وابقاء النار مشتعله .. وفوق ده كله الجزائر ترسل جمهور اقل من العادي للسودان ومصر ترسل سياسيين وفنانيية وصحفيين !!! على اساس ان ده مؤتمر او مهرجان !!!
    وفوق ده كله غضبانين عشان اتهاجموا
    ماطبيعي ده بيحصل من اي جمهور في العالم
    ليه الموضوع بين مصر والجزائر اتاخذ بشكل شخصي

    كلنا كنا مع مصر ونتمنى انها تفوز وتتأهل والله ماظنش في حد عربي ماكانتش دي امنيته لكن للأسف بعض الناس خيبوا ظننا فيهم وحقيقي حقيقي المنتخب المصري مظلوم بجمهوره وباللي عمله..منتخبكم راااائع وقدم صورة حلوة ومشرفة للمنتخبات العربي كلها ماكانش المفروض ابدااا تطمس الصورة دي بأفعال الجمهور

    ثم الإعلام المصري يتكلم ويرد على نفسه
    لو لاحظت يادكتور ماكانش في متابعه من قنوات الإعلام الأخرى حتى الجزائر لما فازت اكتفت بالفرحه والإحتفال وقفلت الملف المصري معاها تماما ..

    الإنسان بإيده يحافظ على كرامته
    مش مطلوب من حد يحافظله عليها

    ReplyDelete
  2. السلام عليكم
    أعجبني هذا التحليل
    و خاصة:
    وهو الموقف الذي يستبعده أي عاقل، لأن السياسيين لن يورطوا أنفسهم فيما يظنون أنه لعب عيال،

    ReplyDelete
  3. فينك من زمان
    اخر اخباري حوار معي على مجلة التدوين العربي
    شاركنا و قل رايك في مدونتي

    http://arabicos.blogspot.com/2010/02/sonnet.html

    ReplyDelete
  4. كلام معقول، و موزون.
    لكن العجيب هو أن الأحداث كشفت الكثيرين منا أمام أنفسهم.فرغم أن بعضنا حاول الظهور بمظهر الشخص المتوازن الذي لا يعير بالا للحملات الإعلامية المحمومة إلا أننا في بعض من المواقف وجدنا أنفسنا ننساق بشكل أبله وراء الهوى و التحيز الأعمى الذي لا يرضى عنه الله و رسوله.
    ـــــــــــ
    دعوة للمشاركة في الحوار الذي نجريه مع المدونة المتألقة صاحبة مدونة شيئ بقلبي
    تحياتي و احتراماتي.

    ReplyDelete

ad